البطالة: أساليب
المواجهة لدعم السلام الاجتماعي
والأمن القومي في ظل تحديات الإصلاح الاقتصادي
د. هدى العزاوى
جامعة بغداد –العراق-
مدخل:
إن
البطالة مشكلة اقتصادية واجتماعية وسياسية تعاني منها معظم الدول النامية
والمتقدمة على حد السواء ، ولقد برزت مشكلة البطالة ضمن المشكلات التي تحاول السياسات والخطط الاقتصادية والاجتماعية
مواجهتها ووضع الحلول المناسبة لها .
و
تحتل قضية البطالة أهمية خاصة في العراق نظرا لأمرين هما :
الأمر الأول : إعادة هيكلة الاقتصاد
ونمو متسارع في معدلات البطالة .
الأمر الثاني :كثرة المشاكل
الناجمة عن البطالة إذ لا تقتصر أثارها على النواحي الاقتصادية فقط بل تتعداها إلى
النواحي الاجتماعية والسياسية والنفسية .
ومن عنا فأن مشكلة البطالة
أصبحت من القضايا الملحة والحاسمة التي لا تقبل بأي حال التأخير والتأجيل حيث
أصبحت بالفعل خطرا مباشرا يهدد الاستقرار والسلام الاجتماعي ، ومهما تضاربت الأرقام
والبيانات فإنها تنذر بأزمة إن لم تتخذ الحكومة وبالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات
الدولية والأهلية حلولا عملية لمواجهتها .
والبطالة
يجب أن تحظى باهتمام أكبر مع ضرورة رصد بيانات حقيقية على مستوى الدولة لأعداد
البطالة حتى يمكن مواجهتها بشكل واقعي وعملي. ولابد من حلول عاجلة لمعالجتها في
إطار رؤية غير تقليدية ضمن أولويات الإصلاح الاقتصادي وضرورة تكاتف كافة الجهود
لحل مشكلة البطالة في ظل إستراتيجية تنموية جديدة محورها كل من الحكومة والقطاع
الخاص ومساهمات رجال الأعمال والمستثمرين وعليه ستسلط الدراسة الضوء على مشكلة
البطالة وأساليب مواجهتها في ظل تحديات الإصلاح الاقتصادي وذلك من خلال المحاور التالية :
المحور الأول – البطالة
،مفهومها،أبعادها .
المحور الثاني – البطالة وتحديات
الإصلاح الاقتصادي .
المحور الثالث - دور وزارة المالية في معالجة مشكلة البطالة .
وخرجت الدراسة بعدة توصيات
ومقترحات كمحاولة مخلصة للإسهام في هذا المجهود الوطني الموجه في الأساس نحو إيجاد
السبل للقضاء أو التخفيف من ظاهرة البطالة في صفوف الطاقة البشرية على اختلاف
مستوياتها ومؤهلاتها وتخصصاتها
أولا: البطالة، مفهومها، إبعادها
يحتل مفهوم البطالة حيزا في عدد
من الفروع المعرفية منها علوم الاقتصاد والإحصاء والاجتماع. إن المنظور الاقتصادي
لتحديد البطالة يهتم بإلقاء الضوء على أشكالها وأنواعها وأسبابها والمفاهيم
المتعلقة بهذه القضية،كما يمتد التحليل الاقتصادي ليسجل الإختلالات الهيكلية للنظم
الاقتصادية والتي تعوق التشغيل الكامل وتعثر النظام الاقتصادي نحو توفير فرص جديدة
للعمل لكل قادر عليه.
أما المنظور السوسيولوجي للبطالة فانه يتناولها
باعتبارها ظاهرة من الظواهر السلبية التي يترتب عليها الكثير من المشكلات الاجتماعية
التي تحدث بالمجتمع كمحصلة لوجودها ومن هذه الاثآر الجرائم وغيرها من آثار
الانحراف التي يقترن ظهورها وانتشارها بالبطالة.
ويقصد
بالبطالة : أنها حالة عدم توافر عمل لشخص راغب فيه مع قدرته عليه في مهنة تتفق مع
استعداداته وقدراته وذلك نظرا لحالة سوق العمل ويستبعد من هذا حالة الإضراب أو
حالات المرض أو الإصابة.
كما
تعرف البطالة بأنها حالة تواجد الأفراد المتعطلين الذين يقدرون على العمل ويرغبون
فيه ويبحثون عنه ولا يجدونه.
و تعتبر البطالة زيادة في القوى البشرية التي تبحث عن
عمل اكبر من فرص العمل التي يتيحها المجتمع بمؤسساته المختلفة، والعاطل لا يعمل
وهو قادر عليه يبحث عنه ولا يجده، ويقصد بالبطالة الأفراد الذين لا يعملون ولكنهم
متاحين للعمل ويبحثون عنه.
وينبغي التوضيح بان هناك حدا تصبح فيه البطالة مشكلة، ففي
كل دول العالم توجد فئة من الأفراد الذين لا يعملون وهم متاحين للعمل ويبحثون عنه
وهم بالضرورة طبقا للتعريف عاطلون، ولكنهم قد لا يمثلون مشكلة لوجود نسبتهم في
الحد الأمثل للتوظيف وهو مستوى التوظيف الكامل والأمثل لهيكل سوق العمل والذي يتزن
فيه حجم الطلب الاقتصادي من قوة العمل مع حجم المعروض منها في سوق العمل ولا
يتجاوز هذا المستوى(+5%،-5%) فائض أو عجزمن إجمالي حجم الفرص المطروحة في سوق العمل
بالنسبة لإجمالي حجم الوظائف.
والبطالة تضم من سبق لهم العمل وتركوه لسبب أو لآخر، ومن
لم يسبق لهم العمل، وهؤلاء يمثلون بطالة صريحة وهم يطلبون العمل ويبحثون عنه. أما
تلك الفئة التي تعمل فعلا، ولكن العمل ليس في حاجة إليهم ولكنهم محملون على واقعه فإنهم
يمثلون ما يسمى بالبطالة المقنعة. وإذا كان وجود عجز في القوى العاملة المطلوبة
يمثل مشكلة فان وجود فائض يمثل مشكلة اشد ويعتبر من المشكلات الخطيرة، وذلك لأنه
لا يتيح الاستفادة المثلى من القوى العاملة. فوجود عجز يؤدي إلى ضغط عبئ العمل
وعدم إمكانية تحقيق الأهداف المطلوبة بالاضافة إلى العديد من الأزمات، ووجود فائض
يؤدي إلى ارتفاع تكلفة العمل نتيجة لزيادة عدد العاملين عن الحاجة الفعلية.
أهمية
التعرف على مشكلة البطالة :
تعتبر
البطالة من أهم المشكلات التي يعاني منها العلم أجمع،وتتفاوت حدة هذه المشكلة
الأمر الذي دفع كافة المهتمين في الحقل الاجتماعي
والاقتصادي للبحث عن أسبابها ونتائجها وكيفية التعامل معها .
ولقد حاول كثير من علماء الاقتصاد
التقليديين أن يشرحوا مشكلة البطالة في ضوء قانون العرض والطلب،ولكن الشرح لا يعبر
عن واقع المشكلة .
وتختلف
أسباب البطالة وطريقة علاجها من مجتمع لآخر لأسباب تتعلق بطاقة الإنتاج الصناعي والزراعي
من ناحية وبالتنظيم السياسي والاجتماعي من ناحية أخرى. كما وتختلف مشاكل المجتمع
نتيجة لعدة ظروف منها درجة التغير الاجتماعي التي يتعرض لها المجتمع وحجم التقدم
التكنولوجي والعلمي هذا إلى جانب نوع التنظيم الاجتماعي.
كذلك
وقد ترتب على زيادة السكان وتقسيم العمل والتغيير المستمر في طبيعة الإنتاج إلى
وجود خلافات كثيرة بين القوى المكونة لكل مجتمع . وفي كل الأحوال نجد أن كل عامل
من هذه العوامل قد ساهم بدوره في خلق هذه المشكلة وإيجادها، ومن هذا يمكن القول أن
لمشكلة البطالة أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وتكتسب
مشكلة البطالة خطورتها من الاعتبارات التالية
:-
1 . إن عنصر العمل يتميز عن بقية عناصر الإنتاج
بأنه يمثل وسيلة الإنتاج والغالبة منه في آن واحد. وعليه فالبطالة تمثل من ناحية
هدر لموارد المجتمع، كما أنها تعد من ناحية أخرى مؤشر لفشل النظام الاقتصادي في إشباع
احتياجات سكانه، ومن ثمة قي تحقيق رفاهية الفرد.
2 . إن الإنتاجية المادية للآلات وعمرها الإنتاجي
لا يتناقصان إذا تركت عاطلة على عكس رأس المال البشري الذي تتدهور إنتاجيته ويقل
عمره الإنتاجي مع تركه عاطلا.
إن الآلات العاطلة لا تؤثر على
إنتاجية بقية الآلات بينما العامل العاطل يؤثر على إنتاجية رأس المال لمادي والبشري
.
3 . إن القضاء على البطالة من خلال خلق فرص
العمل وزيادة مدفوعات الأجور يعد من أكثر الآليات والوسائل فاعلية لإعادة توزيع
الدخول.
4 . كذلك تؤدي البطالة إلى كثير من المخاطر
السياسية والاجتماعية،فالاستقرار السياسي للدولة مرهون بمقدرة الدولة على خلق فرص
العمل .
و أن
للبطالة أثر اجتماعي وسياسي لا تقل خطورتها عن الآثار الاقتصادية كضعف الولاء والانتماء
للمجتمع، كذلك زيادة المشكلات الأسرية واضطراب العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع.
البعد
الاقتصادي لمشكلة البطالة :
يجب
أن يساهم كل فرد في العمل فإذا لم يجد جزءا من أفراد المجتمع فرصة للعمل فمعنى ذلك
هدر وخسارة لإمكانيات وطاقات كان يمكن أن تساهم في الإنتاج ويمثل ذاك خسارة
اقتصادية في القوى القادرة على الإنتاج وحرمان المجتمع من الإشباع الذي ينتج عن
استهلاك السلع التي كان ينتجها المتعطلون
،و مع تدهور الأحوال الاقتصادية في أي بلد،فإنه يتوقع أن يزيد عدد الجرائم الاقتصادية
خلال فترة قصيرة .
و
أظهرت عدد من الدراسات أن هناك علاقة بين التغيرات الاقتصادية سواء في حالة
الانكماش أو حالة الرواج الاقتصادي وبين بعض الجرائم، وإن معظم مرتكبي جريمة
السرقة كانوا من العاطلين عن العمل.
ومن
انعكاسات مشكلة البطالة من الناحية الاقتصادية، إن الفرد العاطل بعد تكملة دراسته
وعدم وجود عمل يتناسب مع المؤهل الذي استغرق وقتا طويلا حتى ناله، يكون في حالتين:
إما
أن يبقى في حالة بطالة أو يقبل العمل في أي مجال،و كلا الأمرين خسارة تؤدي إلى عدم
استفادة المجتمع مما حدث من تعلم وإعداد ،و في كلا الحالتين هناك فاقد لأن ما صرف على الفرد لم
يكن له عائد مباشر على الفرد والمجتمع ،وتؤدي البطالة أيضا إلى قصور مهارات الخريج
الذي أعد فعلا لمزاولة عمل ما ،فالمهارات تقل شيئا فشيئا نتيجة عدم الممارسة،و
تؤدي البطالة إلى مزيد من البطالة وذلك للركود الاقتصادي المصاحب لها،و في ظل
البطالة يقبل بعض الخريجين خاصة الجامعيين العمل في بعض الحرف التي تتطلب مستويات
تعليمية عالية وهذه تسبب ازدياد البطالة لدى فئة غير المتعلمين .
البعد
الأمني:
إن
البطالة لها آثارها على المستوى الاجتماعي والسياسي والأمني أيضا باعتبار أن
البطالة ترتبط بانقطاع الدخل ومن ثم صعوبة الحياة نتيجة العجز في تلبية الحاجات
الإنسانية الضرورية مما يترتب عليه الجنوح إلى الجرائم الاجتماعية والإرهاب والعنف
وجرائم الآداب وانتشار مصادر الدخل غير المشروعة التي تعتبر ذات إغراء مرتفع
للضائعين من الشباب المتعطلين عن العمل على جميع المستويات فضلا عن الشدة الإحسان
بالفقر بالإضافة إلى النقمة على المجتمع بصفة عامة الولاء والانتماء للبلاد.
إن
من أخطر الأبعاد لمشكلة البطالة هو البعد الأمني الذي يهدد المجتمع بصفة عامة وأمن
الدولة بصفة خاصة. إن صلة البطالة بالإجرام صلة مباشرة وغير مباشرة في الوقت نفسه
فللبطالة تعني حرمان العامل الذي توقف عن العمل من مورد رزقه،و هو ما يؤدي إلى
عجزه عن إشباع حاجته الضرورية بالطرق المشروعة،مما قد يضطره إلى سلك سبيل الجريمة
لتحقيق هذا الإشباع إ ويلاحظ مع ذلك أن هذه الآثار للبطالة ليست حتمية،بمعنى أنه
ليس كل المتعطلين يسلكون سبيل الجريمة لإشباع حاجاتهم الضرورية ،بل أن منهم من
يقوى على الصمود في مواجهة هذه الأزمة الطارئة . كما أن للبطالة آثار غير مباشرة
على ظاهرة الإجرام،لأن الفرد حين يعجز عن الإنفاق على نفسه أو على من تلزمهم نفقته
تسوء حالته النفسية،و قد يقدم تحت تأثير تلك الحالة على بعض أفعال الاعتداء على
نفسه أو على الغير من الأفراد .
وتشير
بعض الدراسات التطبيقية في هذا الصدد أن البطالة تحتوي على جذور الجريمة لأنها
تتضمن العناصر الانحرافية التالية في طبيعتها وفي مضمونها وهي : -
1 . عدم استقرار العلاقات الاجتماعية
للعاطل وتقلبها زمنيا ومكانيا .
2 . تركز عامل الضياع وعدم
التأكد والاستقرار،و من ثم طغيان شعور خيبة الأمل والإحباط بالنسبة للعامل .
3 . ابتعاد العاطل عن المجتمع وقيمه
السائدة نتيجة شعوره بالوحدة والعزلة .
و هذه كلها عوامل تؤدي إلى
ارتكاب الجريمة، و بوجه عام فيما يتعلق بالبطالة والجريمة تبين ما يلي : -
أ – أن البطالة تؤدي وتسبب
السلوك الإجرامي لدى الفرد العاطل،إذا توافرت بعض أو كل العلاقات الاقتصادية
والاجتماعية والنفسية التي تساعد على ذلك
.
ب – إن العلاقة بين البطالة والجريمة
علاقة ديناميكية يصبح السبب نتيجة والنتيجة سببا مع استمرارية العلاقة وتعقدها وتشابكها
بمرور الزمن .
ج – إن ثمة عوامل اجتماعية أخرى
مثل انتشار الأمية، التفكك الأسري ذات علاقة بالجريمة .
ومن هذا يتضح أن هناك علاقة
طردية بين معدلات البطالة والجريمة وأن البطالة ظاهرة مركبة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية
وسياسية .
ثانيا:
البطالة وتحديات الإصلاح الاقتصادي
لعل
من أهم التحديات التي يواجهها العراق هو الشروع بسرعة وبخطى حثيثة في سياسات الإصلاح
الاقتصادي بما تتضمنه من إعادة هيكلة الاقتصاد اعتمادا على اقتصاديات السوق الحر،
والاعتماد على القطاع الخاص في التكوين الرأسمالي وفي تشغيل الأيدي العاملة،
وتحقيق معدلات طموحة في الناتج المحلي
ولكن
قبل العامل مع سياسات التكييف والتغيير الهيكلي في الاقتصاد لا بد من الأخذ بنظر
الاعتبار الأمور الآتية:
- شبه
انهيار لمرافق البنى الارتكازية في الاقتصاد لقطاعات الطاقة، الكهرباء، المياه،
النقل، الاتصالات وأنظمة الخدمات العامة.
-
تراجع كبير خلال التسعينيات في مستوى الناتج المحلي وتحقيق معدلات نمو سالبة، ونمو
متسارع في معدلات البطالة مع تراجع الدخل للفرد العراقي إلى مستويات متدنية.
- إن الإنفاق
الحكومي الممول عن طريق الإصدار النقدي أدى إلى معدلات تضخم جامحة مما أدى ذلك إلى
انهيار القوى الشرائية للعملة المحلية وتراجع كبير في أسعار الصرف للنقد الأجنبي،
الأمر الذي أدى إلى تدهور شرائح أساسية في المجتمع من ذوي الدخول الثابتة من موظفي
القطاع العام، ومن المتقاعدين.
-
تشويهات هيكلية وسعرية وإدارية نابعة عن هيمنة الدولة والقطاع العام على جميع
العمليات الاقتصادية وتوجيهها المركزي غير الكفء للموارد الاقتصادية.
- لو
نظرنا إلى حالة القطاع الخاص نجد أنه بحاجة إلى من يأخذ بيده ويحفزه للدخول في
جميع فروع النشاط الاقتصادي وتكون العلاقة الأساسية بين القطاعين العام والخاص هي
علاقة تكاملية، وإن الاستثمار الخاص يمكن أن يدخل في علاقة إيجابية مع الاستثمار
العام، حيث أن نسبة كبيرة من الاستثمارات الحكومية تتركز في مشروعات البنى
الارتكازية وهذه المشروعات تساهم في تخفيض تكاليف الاستثمار والإنتاج للقطاع الخاص
ويؤدي إلى زيادة الإيرادات وحجم المشروعات وزيادة الربحية للقطاع الخاص.
إن نمو
القطاع الخاص في السنوات القليلة القادمة يجب أن لا يقل عن معدلات النمو الحكومي،
إذا ما أريد توفير فرص العمالة، ويراد من السياسة الاقتصادية تشجيع التوسع في
القطاعات الاقتصادية الحديثة، إضافة إلى تشغيل وإعادة هيكلة الطاقات الإنتاجية
المتاحة والمتوقفة عن العمل أو العاملة بمستويات متدنية في الطاقة التصميمية
المتاحة .
بالإضافة إلى ذلك استفادة القطاع الخاص المتوقعة من
الارتفاع في الطلب الداخلي بفعل زيادة الأجور والرواتب الناتجة عن العمالة
والتشغيل في الأمد القصير والمتوسط.
مع المباشرة بإجراءات الإصلاح المالي وفيما يتعلق بهذا
الموضوع إصلاح الجهاز المصرفي عموما (الحكومي والأهلي) وإدخال أوعية استثمارية
حديثة لجعل هذا القطاع الحيوي يأخذ دوره الفعال والمساند إلى تنشيط القطاع الخاص.
ويتوقف نجاح النظام الاقتصادي لأي مجتمع بشكل أساسي على
قدرته على التغيير والتكيف بشكل مرن ليقابل التغيرات المحيطة به، لذا فإن كافة
النظم في حاجة مستمرة إلى التطوير والتجديد. وإن الهدف الأساسي من برنامج الخصخصة
هو تنشيط القطاع الخاص وتحديث الصناعة العراقية ورفع كفاءاتها بصورة تؤهلها
لمواجهة الأسواق الداخلية والخارجية. ومن أساليب مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية
للخصخصة لا بد من:
1. إن
نجاح المشروعات في زيادة الكفاءة الإنتاجية وتحسين الجودة مرهون بمتابعة التنفيذ
الفعلي والتأكد من سيره وفقا لخطة مدروسة، والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة
ومراعاة الطاقة الإنتاجية للمشروع.
2.تحديد
حصة لصغار المدخرين في تملك المشروعات، والسماح بالبيع بالتقسيط للعاملين في
المشروعات المطروحة للبيع.
3.العمل
على حماية حقوق المستهلكين وحماية حقوقهم الاقتصادية.
4.وضع
سياسات وأساليب وأنماط جديدة للإدارة الحديثة تواكب روح العصر وتلبي احتياجات
التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
5.الحرص
في الإصلاح الاقتصادي على البعد الاجتماعي كجزء أصيل له، والعمل على التدرج
المناسب في التطبيق.
6.تفعيل
دور رجال الأعمال من اجل تحسين الظروف الاقتصادية.
وعليه فان أولى خطوات عملية الإصلاح الاقتصادي تتمثل في
معرفة مواطن الضعف والخلل والعمل نحو مواجهتها بكل حزم وبخطوات مرحلية تدريجية
تتلاءم مع طبيعة المجتمع وظروفه الاجتماعية والاقتصادية خاصة ما يرتبط بمرحلة الإصلاح
الهيكلي الاقتصاد وفقا لخطة زمنية محددة تتداخل مع معطياتها كل من المتغيرات
المحلية والإقليمية والدولية.
إن التصدي لمشكلة البطالة في الاقتصاد والحاجة إلى تنويع
القاعدة الاقتصادية لتقليل الاعتماد على القطاع النفطي تحتم اللجوء إلى سياسة
التحول إلى اقتصاد السوق واعتماد القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو والعمالة. وتتجه
السياسة على المدى القصير والمتوسط نحو تشجيع الاستثمار في أنماط الإنتاج الكثيفة
العمل إما في المدى البعيد فمن المتوقع أن يكون نقص العمالة المحلية إحدى محددات
النمو وعليه يترك لقوى السوق الاختيار.
وتتضمن آليات العمل لمواجهة مشكلة البطالة تحت ظروف
وتحديات الإصلاح الاقتصادي من منظور الرؤية المستقبلية والتي تحتاج إلى تضافر كافة
الجهود والعمل كحزمة واحدة متكاملة مع كل المحاور بالاضافة إلى التخطيط لأعداد
القوى العاملة (اهمية التدريب والتعليم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل).
وتتضمن
سياسات وبرامج التشغيل في الدول المتقدمة والتي تعمل بنظام اقتصاديات السوق مجموعة
إجراءات تهدف إلى حماية العاطلين والفئات الأكثر
تعرضا للتأثير بالإضافة إلى إجراءات تستهدف العمالة الإنتاجية وخلق فرص العمل.
ويعتبر وجود مثل هذه الإجراءات حاجة ملحة خلال فترات الإصلاح
وإعادة هيكلة الاقتصاد حيث تتأثر دخول عمل أعداد كبيرة من الأفراد نتيجة ذلك، وهنا
تظهر الحاجة الملحة إلى وجود شبكة أمان اجتماعية تحمي القوى العاملة بالدولة خلال
مرحلة التغيير وقت أوضحت التجربة أهمية وجود سياسات تشغيل فعالة تتضمن إجراءات
تنشيطية وإجراءات ايجابية معا.
فالإجراءات التنشيطية تهدف إلى مساعدة الأفراد والهيئات
والمجتمعات على تحمل أعباء إعادة الهيكلة على المدى القصير من خلال برامج لزيادة
الدخل ودعم الأنشطة الاجتماعية، بينما تهدف البرامج الايجابية إلى خلق فرص عمل وإضافة
قيمة مضافة للموارد البشرية من خلال تنمية مهارات جديدة ومن ثم تسهيل استثمار وإعادة
توزيع العمالة في وظائف جديدة، وعادة ما تتكامل هذه الإجراءات الايجابية مع جهود
التنمية الاقتصادية للدولة.
ثالثا : دور وزارة المالية في معالجة مشكلة البطالة
إن التصدي لمشكلة البطالة في الاقتصاد مسالة ملحة لما
لها من تأثيرات متبادلة مع المتغيرات الاقتصادية المهمة، وفي هذا السياق سنتطرق إلى
دور وزارة المالية في التصدي لمشكلة البطالة باعتبارها السلطة التنفيذية المسؤولة
عن وضع أسس واتجاهات السياسة المالية والإشراف على تنفيذها. حيث تلعب السياسة
المالية دورا أساسيا في تحديد السياسات الاقتصادية الكلية وفي التأثير في أوجه
النشاط الاقتصادي وتوزيع الدخل والثروات في الاقتصاد بوسائلها المالية، ويمكن
توضيح دور الوزارة وفقا للأمور التالية :
1.مدفوعات
الرواتب والأجور والتخصصات التقاعدية الضمان الاجتماعي. تعتبر هذه المدفوعات من
البنود المهمة في الإنفاق العام حيث بلغت في موازنة عام2004 (4048 ) مليار مليار دينار من إجمالي الإنفاق العام والبالغ (336612
) مليار دينار أي شكلت نسبة (12 % )، وبلغت (5366 ) مليار دينار وبنسبة (15.2 % )من إجمالي الإنفاق العام لسنة 2005 . حيث بلغ أعداد
القوى العاملة للوزارات والدوائر الممولة مركزيا وذاتيا ( 1395425 ) منتسب لسنة
2004 ( وكما هو موضح في الجدولين رقم 1و2)
2.استحداث
الدرجات الوظيفية حسب احتياجات الوزارات، فقد قامت وزارة المالية باستحداث ( 35160 ) درجة وظيفية لسنة 2005 موزعة على
الوزارات ( جدول رقم 2 )
3.لوزارة
المالية الدور في هيكلة القوى العاملة في قطاع العام من خلال إجراء المناقلات بين
وحدته الخدمية والإنتاجية والاستغناء عن الفائضين وبالشكل الذي يؤدي إلى زيادة
كفاءة العاملين. وبهذا الخصوص قامت الوزارة بتوزيع منتسبي الوزارات والدوائر
المنحلة (مجلس الوزراء،المجلس الوطني،الدفاع،الإعلام،التصنيع ) على الوزارات الأخرى
وفقا للطلبات المقدمة إليها،وان الوزارة متواصلة في هذه الجهود،(وكما في الجدولين
رقم 4 و5)
4.مشروع
قانون صندوق التقاعد، من الإجراءات المطروحة في هذا الخصوص مبادرة تأسيس (صندوق
التقاعد ) يتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري، ويخضع لإشراف
وزير المالية،وذلك بهدف فصل أموال المتقاعدين عن موازنة الدولة والعمل على تنمية
هذه الأموال وبما حقق العائد لصالح المشتركين.
وجاء
في المقترح الأمور التالية :
أ.
يدار الصندوق من قبل مجلس إدارة من ذوي الاختصاص ويتولى المجلس وضع السياسة الأزمة
لسير نشاط الصندوق وتحقيق أهدافه ومتابعة تنفيذها.
ب.
تتكون مالية الصندوق من الأموال الآتية :
·
الاشتراكات (حصة التقاعد ) التي
تستقطع من رواتب منتسبي الدولة.
·
الاشتراكات السنوية التي تخصص
في الموازنة العامة للدولة لأغراض الصندوق.
·
حصيلة استثمار أمواله .
·
الإعانات والتبرعات المقدمة إليه.
ج. ولغرض وضع السياسة الاستثمارية وفقا للمعايير الاقتصادية
وذلك للمحافظة عنى أموال الصندوق وتنميتها،تشكل " لجنة لاستثمار الأموال من
ذوي الاختصاص "،تتولى المهام التالية :ـ
·
تحديد قواعد وبرامج استثمار أموال
الصندوق.
·
دراسة الفرص الاستثمارية
المتاحة.
·
اتخاذ القرارات الاستثمارية بما
يضمن المحافظة على أموال الصندوق.
د. بهدف مساندة وتنشيط قيام هذا الصندوق يجب اتخاذ بعض
التدابير منها:
·
تعتبر أموال الصندوق أموالا
عامة وديونه من الديون الممتازة، ويطبق في تحصيلها قانون تحصيل الديون الحكومية.
·
تعفى أموال الصندوق المنقولة
وغير المنقولة من الرسوم والضرائب كافة.
·
إخضاع حسابات الصندوق إلى تدقيق
ديون الرقابة المالية.
·
إن فكرة تأسيس "صندوق
التقاعد " فكرة مطبقة في الكثير من الدول المتقدمة والنامية وأثبتت جدواها
لعدة أسباب في هذا الخصوص نذكر:
·
تخفيف العبء عن الموازنة العامة
للدولة وذلك عن طريق استثمار أموال الصندوق وتحقيق مردود مالي يساهم في زيادة التخصصات
التقاعدية.
·
خلق فرص استثمارية تعمل على
تنشيط وإنعاش الاقتصاد.
مركز التدريب المالي والمحاسبي
أولت وزارة المالية أهمية لتنمية الموارد البشرية عن
طريق التدريب حيث يساهم " مركز التدريب المالي والمحاسبي" العائد
للوزارة بصورة فاعلة وكفئة بتدريب موظفي وزارة المالية والدوائر التابعة لها
ودوائر الدولة الأخرى بالإضافة إلى القطاع الخاص وذلك عن طريق تنفيذ برامج تدريبية
منتظمة لتزيدهم بالمعلومات التطبيقية وبكل ما هو حديث من سياقات عمل دوائرهم وفقا
للتخصصات التالية :ـ
1.
التخطيط المالي والإدارة المالية العامة.
2.
التدريب المحاسبي.
3.
التدريب على تطبيقات التشريعات المالية.
4.
التدريب على أعمال التامين.
5.
التدريب على الأعمال المصرفية.
وتنصب
جهود المركز على ثلاثة أنواع من البرامج :ـ
1.
البرامج التأهيلية : تتجاوز مدتها عن
الثلاثة أشهر مصممة لتدريب الموظفين الجدد أو تأهيل الموظفين القدامى لاستلام
وظائف أعلى .
2.
البرامج المتخصصة: تتجاوز مدتها الشهر وتنظم للموظفين القدامى لتجديد وزيادة
معلوماتهم.
3.
برامج الحاسبات الالكترونية : ينفذها قسم
صيانة الحاسبات حيث ينفذ دورات تدريبية لإعداد ملاكات عالية المستوى في مجال صيانة
الحاسبات الالكترونية وتطبيقها.
بالإضافة
إلى التدريب يتولى القسم المهام التالية :
·
صيانة الحاسبات الالكترونية
وملحقاتها إلى كافة الوزارات.
·
تقديم الاستشارات الفنية.
·
تصميم وبناء تشكيلات الحاسبات.
·
تصميم مواقع الانترنت.
وبذلك
يكون الهدف من "مركز التدريب المالي والمحاسبي" لوزارة المالية المساهمة
في تغطية احتياجات سوق العمل من برامج تدريبية نظرية وتطبيقية.
التوصيات والمقترحات:
إن البطالة تؤدي إلى السخط الشعبي، علاوة على التوترات
والمخاطر السياسية والاجتماعية التي تنجم عن حالة اليأس والضياع التي يعيشها
العاطلون. من هذا المنطلق نطرح بعض التوصيات والمقترحات في سبيل القضاء أو التخفيف
من ظاهرة البطالة :
1.
ينبغي لسياسة الدولة ضمان المساواة في الفرص والمعاملة لجميع العاملين من حيث
الوصول إلى العمل وظروف العمل والدخل وفي التوجيه والتدريب والترقي في المجال
المهني.
2. على
الدولة أن تعتمد سياسات، وان تتخذ تدابير من شانها أن تكفل مع مراعاة القانون
مايلي :ـ
أ.
تيسير التكيف مع التغير الهيكلي على المستويين الكلي والقطاعي وعلى مستوى المؤسسة وإعادة
استخدام العمال الذين فقدوا عملهم نتيجة لتغيرات هيكلية وتكنولوجية.
ب.
حماية العمالة أو تسهيل إعادة استخدام العمال المتضررين من بين حالة بيع أو نقل أو
إغلاق شركة أو منشاة.
ويجوزان
تشمل تدابير تنفيذ سياسات العمالة وفقا للتشريعات والممارسات الوطنية، التفاوض
بشان اتفاقيات جماعية تتعلق بمسائل ذات تأثير على العمالة مثل:ـ
أ.
النهوض بالعمالة وحمايتها .
ب.الآثار
الاقتصادية والاجتماعية إعادة هيكلة فروع النشاط الاقتصادي.
ج.إعادة
تنظيم ساعات العمل وتخفيضها.
د. الإعلام
والشفافية في القضايا الاقتصادية والمالية وقضايا العمالة.
3.قيام
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بحصر وتهيئة بيانات عن إعداد البطالة في القطر
بهدف التعرف على حجمها ونوعها ومحتوياتها بما يمكن من وضع السياسات الملائمة لها
وقياس مدى فعالية السياسات الاقتصادية للحد منها.
4. إنشاء
مجمعات العمل وهي مجمعات سكانية يكون الغرض الأساسي في إنشائها امتصاص جزء من الطاقات
البشرية المعطلة وتحويلها إلى قوى عاملة
مستخدمة مما يساهم في إيجاد حل (إضافة إلى الحلول الأخرى ) لمشكلة البطالة من جهة
ويحقق زيادة في القيم المضافة الإجمالية للاقتصاد من جهة أخرى.
ويمكن للرأس
المال الخاص المشاركة في هذا المشروع بأسلوبين :ـ
الأول
ـ عن طريق تشكيل صندوق خاص لهذا الغرض.
الثاني
ـ عن طريق الاقتراض طويل الأجل وبفوائد أو شروط ميسرة، حيث يساهم رأسمال المصرفي
كجهة أساسية في هذا الجهد.
5.
قيام دوائر الدولة بالعمل على تقوية الترابط بين هيكل التعليم وهيكل المهن
والمهارات، والحل يكمن في وضع هياكل قياسية مترابطة لهذه العناصر الأساسية.
6. دعم
وتطوير القطاع الخاص بكافة أنشطته بهدف استيعاب أعداد إضافية من القوى العاملة
الفائضة.
7.
ضرورة المراجعة الشاملة لسياسات الرواتب والأجور في القطاع العام لما لها من تأثير
كبير في سوق العمالة وفي مستويات التشغيل في القطاع الخاص أيضا بسبب تبعية الأجور
في القطاع الخاص لمستوى الأجور في القطاع العام،ولابد من إيجاد نظام رواتب متوازن مع الوضع الاقتصادي ويأخذ بنظر
الاعتبار معدلات التضخم السائدة في الاقتصاد.
8.
التوسع في تدريب المستحقين القادرين على العمل ومساعدتهم في عمل مشروعات إنتاجية
تدر الدخل.
9.
تشجيع رجال الأعمال القادرين على القيام بالمشروعات الخيرية والاجتماعية.
10.
تشجيع إنشاء صناديق التكافل الاجتماعي للفئات محددة الدخل.
11.
فصل أموال التامين والمتقاعدين عن موازنة الدولة، بحيث يتم التعامل معها كصناديق
تدار لصالح المشتركين.
مراجع البحث:
1. Meleleand، peter، ‘Introductory Macro Economies’، Printed in U.S.A، 1981.
2. Bruno، Frank، ‘the Front Collin Virtual، Business Incubator Public
Management’ 1998.
3. أكلي،
كار ندر،ترجمة عطية مهدي سليمان "الاقتصاد الكلي : النظريات والسياسات"
الموصل 1980
4. بيومي،
محمد احمد: علم الاجتماع وقضايا السياسة الاجتماعية وتشريعاتها. دار المعرفة، الإسكندرية
1998
5.
حامد، محمد رءوف، ترجمة لكتاب : إدارة العولمة،تأليف جورج لودج في سلسلة كراسات :
اجتهادات حديثة حول العالم والمستقبل. القاهرة، 1999.
6.
حسن، محمد يوسف وآخرون "التربية ومشكلات المجتمع"،القاهرة،1999
7.
المؤتمر السنوي الأول لرابطة المرأة العربية "الخصخصة ومستقبل العمالة
النسائية"، القاهرة، 1999.
8.
عجوة، عاطف عبد الفتاح "البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة "
الرياض، 1406هـ
9.
وزارة المالية "دائرة التقاعد ".
10.
وزارة المالية "قسم البحوث والإحصاء ".
Tidak ada komentar:
Posting Komentar