Selasa, 08 Juli 2014

المصاحبات الاجتماعية للبطالة، دراسة حالة



المصاحبات الاجتماعية للبطالة، دراسة حالة
د. مهدى محمد القصاص
جامعة المنصورة - مصر-

مقدمة :

يشكل السكان عنصر أساسي من عناصر التنمية الشاملة في المجتمع، وأن تنمية رأس المال البشرى، يفوق في أهميته رأس المال المادي وبالتالي إهدارها وبقائها بدون عمل هو هدر للتنمية المجتمعية الشاملة التي تعد أساس بناء وتقدم المجتمعات .
وتشير نتائج الدراسات والأبحاث الميدانية وكذلك الواقع الحياتي اليومي الملموس إلى تزايد مشكلة البطالة، مما إنعكس على نسيج الحياة الاجتماعية وكرس الانقسامات الطبقية ومس الانتماء والهوية الوطنية .
والبطالة تعد المشكلة الأساسية التي تعانى منها غالبية اقتصاديات العالم بدرجات متفاوتة (خاصة الدول العربية) لذا تتطلب سياسات شاملة للتشغيل داخل كل دولة عربية أو في تبادل العمالة بين بعضها البعض، وإجراءات كفيلة بمواجهة أنواعها المختلفة، خاصة وان مصر تعانى من البطالة بأنواعها المختلفة .
كما أن تزايد حجم البطالة عاماً بعد عام يعتبر إهدار واضح للقدرات البشرية واستمرارية ذلك يشكل خطورة بالغة ليس على الاقتصاد الوطني فقط والمتمثل في شكل هدر لهذه الموارد وإنما يمثل خطورة على الأمن القومي لمصر . إذ أن الآثار السلبية للبطالة اجتماعياً وسياسياً (إضافة إلى آثارها الاقتصادية الواضحة) يمكن أن تشكل خطراً على بقاء الوطن . لذا يجب على القيادة السياسية تركيز الجهود والسياسات لمحاولة التغلب عليها وهذا ما طرحه الرئيس في برنامجه الانتخابي.
هدف البحث :
يهدف البحث إلى الوقوف على أهم المصاحبات الاجتماعية السلبية في ظل تنامي ظاهرة البطالة وفشل سياسات التكيف الهيكلي في الحد من هذه الظاهرة وتداعيات ذلك على الشباب في مصر .
منهجية البحث وتساؤلاته:
يتبع البحث منهجا وصفيا تحليلا وتعد إشكالية البحث هي غياب الاستراتيجيات الفعالة لمواجهة عملية البطالة والتي تتضمن سياسات وبرامج وتخطيط علمي للقوى البشرية، بما يستهدف بالأساس علاج مواطن القصور في أسواق العمل وزيادة الموائمة بين العرض والطلب على القوى العاملة بما أدت إليه هذه الإشكالية من تبعات وأزمات ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب ولكن الأخطر مصاحباتها الاجتماعية الواضحة على الشباب أنفسهم وأسرهم والمجتمع بأسره .
من خلال هذه الإشكالية يطرح البحث التساؤل التالي :
ما حجم البطالة في المجتمع وسياسات التشغيل المتبعة والآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ؟
وسيتم الإجابة على هذا التساؤل من خلال عرض لمشكلة البطالة وتناميها في ظل العولمة وتقليص دور الدولة في تعيين الخريجين والزيادة المستمرة في عدد السكان وما ترتب على سياسة الخصخصة ثم نعرض لسياسات عدد من الدول العربية في مواجهة ظاهرة البطالة وكذلك عدد من دراسات الحالة الميدانية " عشرون حالة " من خريجي طلاب كلية الآداب – جامعة المنصورة – مصر من الجنسين بطريقة عشوائية وذلك خلال شهر يناير 2006 من خلال دليل للمقابلة شمل خمس محاور هي : حجم مشكلة البطالة، دور الدولة فيها، دور الشباب في التعامل معها، أثرها على حياة الشباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانعكاس ذلك على المجتمع ككل، الحلول المقترحة والرؤى المستقبلية .
واعتمدنا على المقابلة كوسيلة لجمع البيانات إضافة إلى المناقشة الجماعية مع عدد من طلابي بجامعة المنصورة من خلال المقابلات الحرة . وتتمثل خصائص العينة في أنهم من خريجي  كلية الآداب – جامعة المنصورة أو ملتحقون بالدراسات العليا بها .
وسننطلق من مفهوم أن البطالة هي حالة عدم توفر العمل لأي شخص راغب فيه مع قدرته عليه نظراً لحالة السوق.
وفيما يلي نعرض للمحاور التالية:
أولاً :     أشكال جديدة للبطالة وخطورتها .
ثانياً :     سياسات الدول العربية في مواجهة البطالة وتداعياتها .
ثالثاً :     نتائج الدراسة الميدانية : الواقع والرؤى المستقبلية .
- خاتمة: أهم التوصيات. 
أولا : أشكال جديدة للبطالة وخطورتها:
تعد تقارير التنمية البشرية التي يصدرها معهد التخطيط القومي منذ عام 1994 وحتى الآن أساسا للحصول على معلومات غنية عن الأوضاع التي يعيشها الناس ونوعية حياتهم ومستويات تعليمهم ومجالات عملهم، كما تركز على رأس المال البشرى وسبل تطويره  ورفع كفائتة ليتمكنوا من الحصول على فرص الحياة العادلة من خلال دخل يكفى للتمتع بنوعية حياة أفضل ولا يتأتى ذلك إلا بالحصول على فرصة عمل جيدة كريمة .
وفى ظل عصر الانفتاح الاقتصادي و التجاري والثقافي وسقوط كافة الحواجز بفضل ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتي تمثل تحديات تواجه جميع دول العالم وذلك من خلال التحول السريع في فرص العمل والأسواق في كل المجتمعات . فبعد إن حلت الميكنة بشكل كبير في الزراعة وفقد العديد من فرص العمل استوعبت المصانع ملايين من فرص العمل التي فقدوها فيما بين الخمسينيات والثمانينات وقام النمو السريع لقطاع الخدمات بإعادة توظيف العديد من العمال ذوى الياقات الزرقاء الذين فقدوا أعمالهم في ظل التقنيات العالية وبشكل عام فان القطاعات الثلاثة ( الزراعة – الصناعة – الخدمات ) في النظام الاقتصادي التقليدي، دخلت في عصر الروبوت، الأمر الذي سيؤدى إلى بطالة إجبارية للملايين، كما لا يوجد الآن قطاع جديد يتوقع تطويره بحيث يكون قادر على استيعاب هؤلاء الملايين الذين سيتم الاستغناء عنهم في الدول النامية بشكل أساسي كنتيجة لإعادة البناء السريعة . والاحتمال الوحيد لظهور قطاع جديد يتمثل في قطاع المعلومات والذي يتطلب فئات قليلة مختارة ولن يعوض ذلك سوى جزء بسيط من الوظائف التي سيتم فقدانها في العقود القادمة في ظل ثورة المعلومات والاتصالات. (1)
والملاحظ أن ثورة الالكترونيات وما رافقها من تحولات في أنماط الإنتاج وإشكال التبادل وأنماط الاستهلاك أدت إلى : التغيرات والتحولات في مجال التوظيف وتنظيم العمل وأداء أسواق العمل ومنها تغيرات  في التركيب المهارى والمهني لقوة العمل  إذ بدأنا نشهد التقلص التدريجي لفئات العمالة
( الماهرة ) و(نصف الماهرة ) لصالح الفئات ( الفنية والمهنية ) الأكثر اتصالا بأساليب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كما أدت إلى تغيرات جذرية في مفهوم ( تنقلية العمل) labour Mobility فلم يعد مفهوم ( التنقلية ) مرتبطا
( بالتنقلية الجغرافية ) Geographical mobility  بل أصبح هناك تنقلية محا زيه للعمل على الصعيد العالمي . يضاف إلى ذلك تغير نمط العلاقة التعاقدية بين ( العامل ) و ( رب العمل ) حيث أصبح هناك مزيد من الاعتماد على
( العمالة التي تعمل من منازلها ) Out Workers لحساب المنشآت الصناعية و الحرفية الحديثة .
كما يتم اللجوء بشكل متزايد ( للعمالة بعض الوقت ) وليس ( كل الوقت)(2).  مما أدى إلى أنواع متعددة من العمل من بينها العمل الشامل العمل الاستثنائي، عمل السوق، الساعات المتقطعة للعمل، الفترة المحدودة  ( 3 ) وسوق العمل ليس سوقا عادية حيث أن دور العرض والطلب على العمل محدد نسبيا بأربعة أسباب رئيسية هي :
·  أن العمل ليس سلعة يمكن رؤيتها ولمسها
·  أنها تتعامل مع قوى بشرية لها أحاسيس ومسؤوليات وطموحات لا يمكن تجاهلها فالإنسان يستخدم المعارف والمهارات التي يمتلكها لكي يحصل على الدخل المناسب له ولأسرته.
·  سوق العمل يعتبر سوقا غير مكتملة، بسبب النقص في معلومات العرض والطلب وصعوبة الحصول عليها سواء بالنسبة للخريجين أو أصحاب الأعمال.
·  العلاقات الشخصية والدور الذي تلعبه في الحصول على الأعمال متجاهلة آليات السوق والتزاماتها.
وتقسيم الأسواق من منظور مستويات الأجور وشروط العمل وظروفه إلى قسمين: سوق عمل أولية وأخرى ثانوية فالسوق الأولية : توفر الوظائف ذات الأجور العالية، وشروط العمل الجيدة، والاستقرار والدرجة العالية من المساواة في تطبيق قواعد العمل وفرص الترقي أما وظائف السوق الثانوية:  فهي وظائف ذات أجور منخفضة وشروط عمل مجحفة واستخدام غير مستقر، وقواعد عمل تعسفية إضافة إلى فرص محدودة جدا للترقي ( 4 )
وفى ظل ذلك ساء الوضع الاقتصادي العالمي واتسم الاقتصاد بالتراخي والتباطؤ، بل والكساد والأزمات، مما أثر كثيرا في أداء الاقتصاد المصري نتيجة ارتباطه بالاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى مشاكله الداخلية مثل مشكلة سعر الصرف وسعر الفائدة وما ترتب على الإصلاح الاقتصادي والخصخصة والمعاش المبكر، مما أدى إلى عدم تحقيق أهداف التشغيل في الخطة الثالثة حيث لم تحقق سوى 571 ألف فرصة عمل بمتوسط سنوي قدرة 114.2 ألف فرصة عمل وهو أقل من مقابل الإحلال والتقاعد كما أثرت الأحوال الاقتصادية على الخطة الرابعة للسنوات  1997 / 1998 – 2001 / 2002 وأخذت البطالة في التزايد بشكل كبير نظرا لما يضخه قطاع التعليم سنويا في سوق العمل الذي لا يستوعب أي داخل جديد من عرض العمل المتاح و أن قصور الاقتصاد المصري عن استيعاب عرض العمل المتاح ( البطالة الباحثة عن عمل ) منذ أواخر السبعينيات وتفاقم الوضع في عقد الثمانيات من القرن الماضي، وتوقف التشغيل الكامل خلال التسعينات وزاد عدد المتعطلين إلى أن بلغ 1.78 مليون فرد عام 2001، ولا تكمن مشكلة البطالة في حجمها فقط، بل تعدى ذلك إلى هيكل البطالة، حيث تركزت بين صغار السن من الشباب خريجي مراحل التعليم من حملة المؤهلات المتوسطة والعليا كما أنها تنتشر بشكل أكبر في الحضر عنة في الريف . يؤكد ذلك قصور التشغيل في الخطط الخماسية اعتبارا من عام 81 / 82  - 96/97 وتأثيرها في تفاقم حجم البطالة.
( 5 )  راجع الجدول رقم (1)     





جدول رقم (1): حالة التشغيل خلال الخطط الخماسية 81/ 82 – 96/ 97
السنة
مستوى التشغيل القائم فعلا
مستوى التشغيل المتوقع في نهاية الخطة
هدف الخطة
مستوى التشغيل المحقق
الزيادة المحققة في التشغيل
التشغيل المحقق ناقص (-) المتوقع
العجز السنوى في مستوى التشغيل

5سنوات
سنويا

5 سنوات
سنويا



82/81
10702.4
12814
2111.6
422.3
12209
1506.6
301.32
605 -
-121

87/86
12209
14659
2450
490
13900
1691
338.2
759 -
151.8

92/91
13900
17090
3190
638
15612
1712
342.4
1478 -
295.6

97/96
15612
18802
3190
638
16183
571
114.2
2619 -
523.8

فرص العمل بالآلف

المصدر: سيد محمد عبد المقصود، قضية التشغيل، مرجع سابق، ص 48 0

كما أدت ثورة الاتصالات والمعلومات إلى تحولات مهمة في أنماط وأساليب الإنتاج نتيجة استخدام الكمبيوتر ووصلات ( الأقمار الصناعية ) مما أدى إلى تأكل مفــهوم ( المصنـع التقليدي ) و ( خط الإنتاج ) ولعل أهم التحولات في مجال الإنتاج يمكن إيجازها في الأتي :
-  ظهور مجموعه جديدة ومستحدثه من السلع غير الملموسة
- الاعتماد المتزايد على ( مواد وخامات ) من طراز جديد يجرى تخليقها بأساليب معمليه تركيبيه وتقنيه حديثه .
- الاعتماد المتزايد في العمليات الإنتاجية على العمالة الاصطناعية التي تسمى بالروبوت .
- أدت ثورة المعلومات والاتصالات إلى مزيد من ( التوزيع غير المتكافئ ) لعناصر القوة الاقتصادية . ( 6 )
ما سبق يؤكد أن فرص العمل في ظل العولمة يجب ان تتطور مع تطور مجتمع المعلومات، وهذا يتطلب أساليب جديدة للتعليم والتعلم الذاتي والقدرة على الإنتاج عالي الجودة والمعتمد على مواد غير تقليدية في ظل بناء اجتماعي يُعلى من شان القيم الايجابية .
أما إذا كان  بناء اجتماعيا مشوها، من منظور التخلف وتطويرا مجتمعيا مشوها، يصاحبه تطور علمي مشوه، فانحسار الإنتاج، وتعطيل القوى المنتجة عموما يصنع هوه، ويفصل بين العلم والعمل . ( 7 ) 
مما ينعكس على فرص العمل حيث يعد التوظيف حلقة  الوصل التي تترجم التعليم إلى نمو وتوزيع عادل لهذا النمو وعلية فعند قطع هذه الحلقة، تحدث أثار سلبية على الفرد والمجتمع . ويلقى هذا بظلاله على نظم التعليم التي لا توفر مهارات القرن الحادي والعشرين فهي وان وفرت تقنيات التعليم الأساسية إلا أنها تفتقر لروح الإبداع والخلق كما أنها تفتقد القدرة على الربط بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل ( 8 ).
وتعد هذه من المشكلات الواضحة في العالم العربي في بلدان مثل مصر والأردن إذ أن معظم خريجي الجامعات بدون عمل نظراً للفشل في الارتباط  بقنوات التجارة العالمية . وقاد هذا النوع من الانعزال النسبي إلى الركود الاقتصادي في عديد من دول الشرق الأوسط فالهند على سبيل المثال قد استفادة من العولمة عن طريق بناء صناعتها الهندسية لبرامج الكمبيوتر ( Soft Ware ) من خلال مشروعات جديدة في ( بنجالور، هابد باد ) فهناك 80 ألف شخص يعملوا في صناعات التكنولوجيا المتقدمة في بنجالور . ( 9 )
والبطالة تعد مظهر من مظاهر الخلل في البناء الاقتصادي وأنوعها متعددة إذ تختلف باختلاف طبيعة النظر إليها لا من خلال الجنس أو العمر أو الحالة التعليمية، أو المهنة، فقط بل يمكن النظر إليها من خلال الدورة الاقتصادية، فتسمى بطالة دورية، أو بطالة احتكاكية، وكما ينظر إليها من خلال التنقل بين المهن المختلفة،  وبطالة هيكلية وهى البطالة التي تحدث نتيجة حدوث تغيرات هيكلية في الاقتصاد الوطني وكذلك هناك البطالة الموسمية أو العرضية .. الخ (10 )
وبالرغم من إنشاء برنامج التوظيف القومي الذي يهدف لاستيعاب896 ألف وافد جديد لقوة العمل في وظائف حكومية محددة وبرامج تدريبية وبرامج الصندوق الاجتماعي .فإن البطالة لازالت من الموضوعان الملحة .أضف إلى ذلك أنه بالرغم من ارتفاع نسبة البطالة، فإن قطاعات العمل يصعب عليها إيجاد العامل المؤهل، وذلك لان النظام التدريبي يخفق في إنتاج المهارات المطلوبة لسوق العمل.  و وفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية فإن مراكز التدريب تقليدية ومليئة بمعلمين غير مؤهلين ولا يتوفر لهم الحافز أو المقابل المادي المناسب كما أنهم غالباً ما يفتقروا للخبرة العملية ولا يمتلكوا وسائل مواكبة التقدم ( 11 )
و تشير البيانات أن البطالة من أهم المشكلات في مصر حيث تبلغ النسبة 9% كمتوسط من قوة العمل على مستوى الدولة ولكن هذه النسبة تزداد في بعض المحافظات كما أنها تظهر بصفة واضحة بين الإناث وكذا البالغين ( 15-29 ) ( 19.8%، 22.4% ) على الترتيب .كما أنها ترتفع في الريف بصفه عامة مقارنة بالحضر. ومشاركة المرأة في قوة العمل الرسمية منخفضة نسبياً حيث لا تتعدى 25% في أي من محافظات الجمهورية. ( 12 )
ويعزى " التقرير الاقتصادي العربي الموحد "  تفاقم مشكلة البطالة في الدول العربية إلى جملة من الأسباب منها  في جانب العرض :  المعدلات العالية لنمو السكان وبالتالي الأعداد المتزايدة للداخلين إلى سوق العمل والهجرة المتزايدة من الريف إلى المدن، ودخول المرأة إلى سوق العمل، وضعف التعليم الجامعي وعدم مواءمته مع احتياجات السوق .  وفى جانب الطلب: فإن من أهم أسباب تفاقم هذه المشكلة . معدلات النمو غير الكافية التي سجلتها الاقتصاديات العربية والتي لم تتمكن من خلق فرص العمل بما يتلاءم مع جانب العرض . وعدم إحراز تقدم ملموس على صعيد تنويع القاعدة الإنتاجية . وذلك بالإضافة إلى السياسات الاستثمارية في بعض الدول العربية التي ركزت على الاستثمارات كثيفة رأس المال التي لاتحتاج لعمالة  كبيرة ( 13 )
هذا يعني أن هناك العديد من التحديات التي تقف في سبيل توفير فرص عمل إلا انه من بين أهم المشكلات التي تواجه الحكومات هي مشكلة البطالة التي تهدد بأخطار اجتماعية واقتصادية وسياسية كامنة وما يترتب عليها من هجرة العقول والمهارات إلى الخارج والتي تهدد أمال التنمية المستديمة وبناء القدرات التكنولوجية التي تمكننا من ملاحقة التطورات والمستجدات العالمية . ولا ترجع مشكلة البطالة فقط في تزايد أعداد العاطلين خاصة خريجي الجامعات والمعاهد العليا، بل أيضاً لأن البطالة تعد انعكاساً لقضايا أكثر خطورة، ولا زالت تُلقى بتداعياتها على مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
ثانياً :     سياسات الدول العربية في مواجهة البطالة وتداعياتها :
  تعمل الدول العربية على وضع السياسات لحل مشكلة قلة فرص العمل بأساليب متعددة، إلا أنها في الأغلب الأعم تقدم حلول جزئية يغلب عليها الطابع الآني وتفتقر إلى سياسة عامة مستقبلية ومستمرة.
  وسوف نعرض لسياسات عدد من الدول منها: مصر وسوريا واليمن والكويت وتونس
1 - مصر :
  لم يتضمن برنامج التكيف الهيكلي والتثبيت الذي انتهجته مصر في الثمانيات أي سياسات مباشرة تتجه نحو علاج الآثار الاجتماعية لهذه البرامج خاصة فيما يتعلق بالعمالة والفقر. ولهذا فقد خلا البرنامج من أي سياسات للتشغيل والتوظيف، على الرغم من إشارته لضرورة حدوث معدلات عالية من البطالة خاصة في المراحل الأولى للبرنامج كنتيجة مباشرة للركود الناجم عن السياسات المالية والنقدية ذات الطابع الانكماش، وأيضا على الرغم من إعلان الحكومة تخليها عن الالتزام بتعيين الخريجين في الوظائف العامة، ووضع سقوفاً للأجور .
وفى سنة 1991 أنشأ الصندوق الاجتماعي كآلية تستهدف حماية الفئات الأكثر تضرراً من برنامج التكيف الهيكلي . وهذا لا يمثل شبكة أمان كافية لهذه الفئات، ذلك أن سياسة التشغيل التي ينطوي عليها الصندوق لا تتضمن توفير ضمان ضد البطالة أو برامج متكاملة للتوظيف .
  ورغم ذلك فقد تضمن برنامج الصندوق الاجتماعي عدة برامج تقترب من مواجهة تداعيات السياسات الاقتصادية الانكماشية على التشغيل والعمالة، منها :
1  -      برنامج تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة كثيفة العمالة والمدرّة للدخل، ويقدم الائتمان لتمويل رأس المال العامل والمعدات والمستلزمات ونفقات التشغيل، كما يقدم فرصاً للتدريب المهني والفني والإداري . كما يقدم البرنامج منحاً لأترد، للمساعدة الفنية والتدريب بهدف خلق وظائف دائمة للخرجين العاطلين وصغار أصحاب المشروعات .
2  -      برنامج تنقل العمالة الذي يقدم خدماته للشركات التي تحدث تغييرات هيكلية تؤثر على العمالة بها، مما يوفر بداية متاحة أما العامل، مثل التقاعد المبكر أو إعانة التدريب أو إعادة البطالة أو مشروع صغير أو فرصة عمل بديلة .
3  -      برنامج تطوير المنشآت التي تتولى تنفيذ المشروعات ورفع كفاءتها الفنية والإدارية، ودعم قدرتها التنظيمية، وهو يستهدف المنظمات غير الحكومية، ونقابات العمال والمنظمات النسائية، وكذلك إعداد الدراسات والبحوث لقياس درجات الفقر ومدى انتشارها على خريطة المجتمع المصري  
4  -      برنامج تنمية المجتمعات المحلية لدعم المشروعات الإنتاجية الصغيرة والتعاونية والخاصة، وإتاحة فرص الإقراض والتدريب وتوفير المعدات لها وتسويق منتجاتها، وهو يتجه بالأساس إلى الأسر منخفضة الدخل والنساء والأطفال والشباب العاطل، كما يقوم بتمويل بعض الخدمات التعليمية والصحية .
5  -      برنامج الأشغال العامة الذي يمول مشروعات محددة كثيفة العمالة في المناطق كثيفة البطالة والفقر في قطاعات مثل الصرف الصحي والزراعي ومياه الشرب والري وحماية البيئة والطرق.
بالتالي فإن الصندوق الاجتماعي في مصر لا يمثل سوى ترتيبات محدودة مؤقتة  ذات موارد مقيدة بشروط الدول المانحة، ومثل هذه الترتيبات والإجراءات الوقتية ذات الطابع الملطف، لا يمكنها حل قضية البطالة التي وصلت لمعدلات مرتفعة .
لذا فإن الصندوق لا يتخطى مهمة مواجهة حالات طارئة معينة تتعلق بآثار الخصخصة على العاملين، ولا يمكن اعتباره إستراتيجية عامة للتوظيف يمكنها التصدي لبطالة تتزايد معدلاتها يوماً بعد يوم .
  ولعل الأمر يقتضى حفز القطاع الخاص على خلق فرص عمل يمكنها استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين والداخلين إلى سوق العمل، وذلك بتشجيع الاستثمارات، وخاصة تلك التي تستخدم تكنولوجيات كثيفة العمالة، في ظل انخفاض قدرة المشروعات العامة على استيعاب العمالة بعد تنظيم قطاع الأعمال العام، بل وفى ظل وجود مشكلة بطالة مقنعة وعمالة زائدة ينبغي التخلص منها .
  وتتفاقم مشكلة البطالة في الريف أيضاً في ظل الاتجاه المتنامي لقطاع الزراعة نحو تكثيف الميكنة الزراعية كثيفة رأس المال منخفض العمالة، خاصة في مشروعات استصلاح الأراضي ذات التكنولوجيا المتقدمة . وبالتالي فإن قدرة قطاع الزراعة على خلق فرص عمل جديدة تكاد تنحصر في الصناعات الريفية. ويظل عبء امتصاص العمالة ملقى بالأساس على الصناعة والبناء والقطاع الخدمي .
  كما اختفت سياسة التوظيف من عمليات التكيف الهيكلي التي تحكم التوجه الاقتصادي العام في مرحلتيها الأولى والثانية، ولم تشير سوى لدعم موارد ودور الصندوق الذي لم تستفيد من مشروعاته سوى قلة من الفئات الأكثر فقراً، بينما أكثر من أفاد منها أصحاب الدخول المتوسطة في الحضر .لقد كان الصندوق الاجتماعي للتنمية في مصر هو الأقل كفاءة فيما بين نظرائه بدول نامية أخرى، حيث كانت (نسبة المشروعات ÷  عدد العاملين) هي الأقل، وكانت تكلفة خلق فرصة عمل جديدة هي الأعلى، حيث كانت في مصر 530 $ مقابل 259 $ في شيلي (14)  .
  ولعل أفضل تعليق ما أشار إليه " رمزى زكى " وهو أن برامج التكيف الهيكلي تهدف في حقيقة الأمر إلى توفير الموارد التي ترفع من قدرة هذه البلاد على دفع ديونها الخارجية مستقبلاً، وقد تضمنت هذه البرامج، في بعض الحالات، عن تحسن نسبى في الأوضاع المالية والنقدية للبلاد ( خفض نسبة عجز الموازنة، خفض معدل التضخم، زيادة حجم الاحتياطيات في الدولة) وكان تحقيق ذلك بتكلفه اقتصادية واجتماعية مرتفعة، كان أبرزها زيادة معدلات البطالة وخفض مستوى المعيشة (15) .
  ويعد عنصر العمل من أهم عناصر الإنتاج لبس فقط لدورة في العملية الإنتاجية بل لماله من ارتباط مباشر بالإنسان ومستوى المعيشة  والرفاهية وكذلك بالنسبة للمجتمع واستقراره السياسي والاجتماعي (16) ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 إلى تزايد تركيز الدخل والثروة في أيدي قلة قليلة لم يصاحبها ارتفاع في الاستثمار بما يساعد على قيام نمو أسرع ومن ثم لا تبدو فرصه لمكافحه البطالة على صعيد العالم أو حتى التخفيف من الفقر (17) . وتشير نتائج مسحي الدخل والإنفاق في مصر في النصف الأول من التسعينيات إلى تحسن معامل جيني بمعنى توزيع الدخل أصبح أكثر عدالة . الأمر الذي لا يستقيم مع مجمل تطور الأوضاع الاقتصادية خاصة على معيار البطالة والفقر والمشاهدات على توزيع الثروة في الفترة نفسها، هذا في حين قُدر معامل جيني في العام 1997 بما يقارب 37% مقارناً بحوالي 28% في العام 1995 وهو ارتفاع ضخم في مدة قصيرة يدل على تفاقم سريع في سوء توزيع الدخل، كما انخفض نصيب العمل من القيمة المضافة من قرابة 40% في عام 1975 إلى حوالي 25% في العام 1994 يعنى ذلك تدهور توزيع الناتج القومي لمصلحة عوائد الثروة (18) .
  ويشير التقرير العربي الموحد إلى أنه من الأمور التي ساهمت في زيادة البطالة في عدد من الدول العربية إجراءات أصلاح مؤسسات القطاع العام التي يجرى اتخاذها في إطار برامج التصحيح الاقتصادي بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى نقل ملكية هذه المؤسسات إلى القطاع الخاص مما أدى إلى فقدان بعض العاملين لوظائفهم – كما تشير البيانات المتاحة إلى تراجع إعداد العاملين في قطاعي الصناعة والزراعة لصالح قطاع الخدمات . فقد تراجعت نسبة العاملين في قطاعي الصناعة والزراعة إلى إجمالي القوى العاملة من 42%، 26% عام 1985 إلى 36%، 20% عام 1998 ولم يقابل الانخفاض في نسب العاملين في هذين القطاعين زيادة في الإنتاجية(19) .
  والأمل معقود على القطاع غير الرسمي في مصر والذي يضم نحو 2.8 مليون وحدة مسئولة عن إيجاد نحو 6 مليون فرصة عمل أي 36% من إجمالي قوة العمل ويساهم بنحو 20% من الناتج المحلى الإجمالي، 82% من إجمالي الوحدات صغيرة الحجم – إلى القطاع الرسمي من جهة ومشاركته في الأسواق من جهة أخرى يتطلب إعادة هيكلة الإجراءات وإزالة المعوقات لتسجيل مشروعاتهم (20) .
2-  سوريا :
  في ظل غياب إستراتيجية واضحة للتشغيل تنبثق منها برامج وسياسات للتوفيق بين عرض العمالة المحلية والطلب عليها، لذا ظهرت مشاكل عديدة بمجال التشغيل هي :
1  -      تشكل عمالة الإنتاج أعلى نسبة من العاطلين ممن سبق لهم العمل، حيث بلغت نسبتهم 56% يليهم عمال الزراعة 20% سنة 1991 . ووفقاً للنشاط الإقتصادي تبلغ نسبة البطالة بين من سبق لهم العمل أعلاها بين عمال الخدمات الاجتماعية وهى 25% تليها النسبة بين عمال الصناعات التحويلية 20% (21) .
2  -      تتركز مساهمة المرأة بالنشاط الإقتصادي في الإنتاج الزراعي 72%، ثم في الخدمات 19%، وعمال الإنتاج 3% .
3  -      لا تتوافر بيانات عن البطالة المقنعة والهجرة الخارجية ومستويات المهارة وفق تعريفات ومعايير واضحة ومحددة .
4  -      تعتبر هجرة الكفاءات العلمية والعمالية الماهرة نزيفاً واضحاً للموارد البشرية في سوريا يؤدى إلى نقصاً حاداً في العمالة الماهرة .
  ولا يتوافر لمكاتب التشغيل الصادرة بالقانون رقم (1) لسنة 1985 إمكانيات ومقومات أساسية تمكنها من أداء مهمتها للتعرف على المؤشرات في سوق العمل، وإحلال التوازن بين العرض والطلب أو دراسة سوق العمل وحل المشاكل والقصور الذي يظهر به .
  وفى مواجهة مشكلة البطالة أتبعت الحكومة السورية عدة سياسات تتمثل فى:
1  -  سياسات سكانية إستراتيجية وهذه تقوم على :
  -  الحد من الهجرة إلى المدن، الحد من الزيادة السكانية ببرامج تنظيم الأسرة .
2  -  سياسات تعليمية :
إعادة النظر في التركيبة التعليمية والمهنية للقوى العاملة حتى تتلاءم مع التقنيات الحديثة، وخطط التنمية واحتياجات المشروعات في سوريا، ووضعت هذه السياسات بحيث تحقق هدفين :
أ  -   أن تصل نسبة القادمين إلى مدارس التعليم المهني من خريجي المرحلة الإعدادية إلى 60%، و 40% إلى التعليم الثانوي ينقسموا بالتالي إلى 75% ثانوي عام، 25% ثانوي  فني .
ب  - وأن نسبة 70% من خريجي الثانوية العامة يصلوا إلى مؤسسات التعليم العالي 65% إلى الجامعة، 35% إلى المعاهد المتوسطة .
3  -  سياسة التعددية الاقتصادية : 
وذلك بإتاحة دور للقطاع الخاص مما أدى إلى .
أ  -   سحب هذا القطاع العمالة الماهرة من القطاع العام، وليس من العاطلين، وهو ما أدى لانخفاض إنتاجية القطاع العام، الذي يلجأ للتخلص من العمالة الزائدة، فتتفاقم مشكلة البطالة بدلاً من تخفيضها .
ب  - استخدام القطاع الخاص تكنولوجيات كثيفة رأس المال لتحقيق أرباحاً أعلى، وهو ما يؤدى أيضاً لتفاقم البطالة .
  في النهاية يبدو من الواضح أن سوريا لم تنتهج سياسة واضحة المعالم بشأن التشغيل، وهو ما جعل منها مثالاً حياً يجسد ظاهرة هجرة العقول، التي لم تشكل حلاً لمشكلة البطالة في سوريا، بل على العكس فقد طالت مستويات وظيفية ضرورية للتنمية، ظهر بها عجزاً واضحاً . وذلك نتيجة عدم دراسة وتقييم هذه الظاهرة والنمو السكاني الكبير وضيق فرص العمل والتقدم في التعليم الجامعي، وعدم وجود أي قيود على هجرة السوريين للخارج، ولا على عودتهم حين يشاءون .  فكانت عملية إطلاق لحرية الهجرة بلا ضوابط، رغم إشارة الخطط الشاملة للتنمية للانعكاسات السلبية لهذه الهجرة (22) .
3 -  الكويت :
  تقوم سياسة التشغيل الكويتية على إعادة تقييم آليات الهجرة، ووضع معايير لانتقاء العمالة الوافدة، للحد من العمالة الهامشية وإحداث التوازن الأمني بين تركيبة الجنسيات القادمة. ولازالت هذه السياسة تفتقد لآليات واضحة لتنفيذها وبرامج مدروسة ومؤسسات مسئولة عن سياسات التوظيف واستقدام العمالة . وهو ما أدى لتعقد مشكلة البطالة بين الشباب وما تتبعها من تداعيات اجتماعية خطيرة على المجتمع الكويتي .
  ورغم قيام وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بإنشاء مركز لتنمية وتشغيل القوى العاملة الوطنية سنة 1993، إلا أنها لم توفر له الإمكانات اللازمة لتوسيع رقعة أنشطة ومجال عمله، واكتفت الوزارة بمجرد تسجيل أسماء وأعداد الباحثين عن وظائف (23) مع القيام بعدة إجراءات مؤقتة وحلول شكلية لمشاكل البطالة وعدم التوازن بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل بالكويت . مثل خفض الدرجات الوظيفية ورفع الحوافز ومنح العلاوات، وغيرها من الامتيازات المادية . مع قيام الحكومة بمحاولات توظيف الشباب بقطاع النفط، وهى محاولات لم يكتب لها النجاح بسبب ارتفاع الكثافة الرأسمالية لهذا القطاع وانخفاض الأعداد التي يتطلبها من العمالة مع التركيز على المهارات العالية منها .
  وفشلت خطط التنمية التي وضعتها الحكومة في تشغيل الكويتيين خارج القطاع العام، بسبب عدم التدخل الحكومي المباشر، حيث لم تنجح آليات السوق وحدها في دفع القطاع الخاص لتوظيف المواطنين، وكان يمكن للحكومة أن توظف المواطنين في شركات مشتركة بينها وبين القطاع الخاص، أو أن تقدم الدعم للقطاع الخاص لدفع رواتب هذه العمالة لفترة محدودة، كما كان يمكنها تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تمويل عمليات التدريب والتأهيل، وتشجيع العمل الحرفي باستخدام ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة للشباب الكويتيين .

  ولازال الشباب الكويتي ينتظر الكثير مما يمكن للحكومة أن تقوم به مثل :
1  -      وضع إستراتيجية سكانية واقعية توازن بين هدفين متناقضين الأول إحداث التوازن الأمني بين الجنسيات الوافدة، والثاني هدف تعجيل عمليات النمو الإقتصادي والتنمية الشاملة وهو هدف يعتمد على فتح باب الهجرة والتوسع في منح التراخيص التجارية طبقاً لاحتياجات السوق والنشاط الإقتصادي، مما قد يعمق من فجوة التركيبة السكانية لصالح الأجانب، ولكنه سيؤدى للانتعاش وتوسيع حجم السوق والسكان . بعكس الهدف الأول الذي تصحبه إجراءات انكماشية مثل الحد من الهجرة، مع انتقاء أعداد وجنسيات القادمين، مع المحافظة على معدل الزيادة الطبيعية في حدود 3.4%، وهى إجراءات تكمش النشاط الإقتصادي وتعمل في اتجاه الركود .
2  -      قيام هيئة مستقلة بالتعامل مع الوافدين بدلاً من تعدد الجهات والإجراءات المختلفة، مع وضع المعايير اللازمة لمنح التراخيص التجارية، وتنظيم استقدام العمالة.  
3  -      قيام وزارات الشئون الاجتماعية والعمل والتجارة بتحديد متخصصين لتقدير الحاجات الوظيفية ومتطلبات سوق العمل الكويتي (24) .
 4 -  اليمن :
  قامت الدولة بإنشاء الصندوق الإجتماعي للتنمية في منتصف سنة 1997 كمؤسسة مستقلة ضمن خمسة أجهزة تستهدف معالجة الآثار الاجتماعية لبرامج التكيف الهيكلي ومكافحة الفقر بشكل أساسي . وهذه الأجهزة هي :
1  -      صندوق الرعاية الاجتماعية .
2  -      وحدة تنمية المشروعات الصغيرة .
3  -      برنامج التدريب وإعادة التأهيل لتخفيف حدة الفقر، وتوفير فرص عمل للفقراء .
4  -      صندوق رعاية المعاقين .
5  -      الصندوق الإجتماعي للتنمية، والذي يستهدف توفير العمل في الأجل الطويل عن طريق تمويل البرامج والمشروعات، وذلك في اتجاهات ثلاث :
الأول : توفير خدمات أساسية عن طريق مشروعات التنمية الخاصة بالمجتمعات المحلية في مجالات مثل المياه والمرافق والتعليم والصحة وشق الطرق، وإنشاء مشروعات كثيفة العمالة بشكل عام، وكذلك تمويل الخدمات الاجتماعية الأساسية في المناطق المحرومة التي ينتشر فيها الفقر، وذلك بغرض بناء القدرات وتشجيع الإدارة الذاتية.
الثاني : توفير الائتمان لتمويل المشروعات الصغيرة جداً من خلال قروض قصيرة الأجل لمساعدة الفقراء والعاطلين على زيادة الدخل وتنمية مواردهم، وتخليق فرص تشغيل دائمة من خلال تزويدهم برأس المال اللازم
الثالث : التنمية المؤسسة الهادفة لبناء القدرات المؤسسية للمنظمات غير الحكومية النشطة، والأجهزة الحكومية المختصة والمشروعات الفردية . وذلك بتوفير الدعم لها، ولصغار المقاولين لتمكينهم من القيام ببعض مشروعات التنمية .
  وحيث ينتشر الفقر في المجتمع اليمنى الذي يمثل فقراءه حوالى 83% من السكان يعيشون في المناطق الريفية التي يقطنها 70% من إجمالي سكان اليمن، فمن الصعب تحديد واستهداف الفئات الأكثر فقراً من غيرها، كما يذكر البنك الدولى.   فيبدو أن كل سكان اليمن يحتاجون إلى شبكات الأمان الاجتماعية لحمايتهم من آثار الإصلاحات الاقتصادية، فضلاً عن أن ضعف الهيكل المؤسسي الشديد في اليمن خاصة في المناطق الريفية، يصعب على الصندوق الوصول إلى الشركاء المناسبين للتنمية وتنفيذ مشروعاته التي يمولها ويقدم لها المساعدة العينية (25) .
5 - تونس :
  تتركز سياسة التوظف في تونس على مكافحة البطالة خاصة بين المتعلمين . وفى إطار برنامج إعادة الهيكلة الاقتصادية، تأسس صندوق التأهيل المهني سنة 1990 تحت إشراف البنك الدولي، بهدف تأهيل العاطلين من الشباب لتلبية الطلب على العمالة في سوق العمل التونسي . وتدريب وإعادة تدريب العمالة على ممارسة المشروعات الخاصة والأعمال الحرة والمؤقتة والحرفية. ولقد نجح هذا البرنامج في إدماج حوالي 74% من طالبي العمل في المؤسسات الإنتاجية .
  ورغم ذلك لا يمكن القول بنجاح برامج التشغيل التونسية في تحقيق أهدافها في استيعاب ومحاصرة أزمة البطالة مع الموائمة بين العرض والطلب على القوى العاملة . ذلك أن هذه البرامج المخصصة لمكافحة البطالة وتأهيل الشباب المتعلمين قد اتسمت بضعف مردود عقود الانتداب والالتزام . بل كان هذا المردود سلبياً في بعض هذه البرامج بحيث أدت إلى زيادة البطالة بدلاً من الحد منها، نتيجة عدم استخدام تحليل المنفعة / التكلفة للمبالغ المنفقة على هذه البرامج والتي كانت بالإمكان استخدامها بفعالية أكبر في خلق فرص عمل دائمة . والمثال على ذلك في برامج الأشغال العامة التي أنشأت ورشاً وطنية لضمان فرص عمل مؤقتة في صيانة الطرق وتأهيل المباني العامة .
  هذا فضلاً عن الانخفاض الملحوظ في نوعية التدريب . أما أكثر المستفيدين بأغلب مساعدات بنك الدولة فهم مجموعة من أصحاب الأعمال الذين استخدموا هذه المعونات في استخدام عمالة رخيصة مدعومة الأجور، لأعمال تتطلب مؤهلات منخفضة (26) .

ثالثاً : نتائج الدراسة الميدانية : الواقع والرؤى المستقبلية :
  بتحليل استجابات المبحوثين وجد أن هناك تداعيات كثيرة وأمراض اجتماعية وظواهر غير صحية ومشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسيه تكشف في مجملها عن حجم البطالة بين الشباب وخاصة المتعلم منهم وآثارها السلبية ومصاحباتها على الفرد ومجتمعه والرؤى المستقبلية لسبل حلها أو التخفيف من حدتها .
  تشير أدبيات علم الاجتماع ونتائج البحوث الميدانية وتقارير التنمية البشرية إلى أن قلة فرص العمل أمام الشباب تمثل عقبة يترتب عليها هدر لرأس المال البشرى (يعود بالسلب على وجود الفرد ووعيه وعلى المجتمع واستقراره وتنميته ورفاهيته ) وأن هذه المشكلة (ندرة فرص العمل) التي يعانى منها الشباب ليست مشكلة شخصية ولا يمكن حلها أو استيعابها إلا نظرنا إليها في سياقها الكلى وإدراكها بوصفها مسألة اجتماعية (وليست مجرد مشكلة فردية) ليس في المحيط المباشر فقط ولا في المجتمع المحلى فحسب ولكن في الإطار العالمي لها .
  يعنى هذا أن مشكلة الطالب الجامعي عندما يتخرج من الجامعة بأعلى التقديرات ورغم ذلك يعجز في العثور على فرصة عمل لا ترجع إلى قصور في إمكاناته الذاتية ولكنها لابد أن تُفهم على أساس التحديات المحلية والعالمية وما يترتب عليها من تداعيات ومصاحبات اجتماعية متعددة وفيما يلي نعرض لأهم المصاحبات الاجتماعية .
  فقد أشارت 85% من حالات الدراسة الميدانية إلى أن ضعف الاستثمارات وطبيعتها يأتي في ضوء التدهور الأمني الحادث على مستوى المنطقة العربية . وما تقوم به أمريكا على صعيد المنظمات الدولية احتلالها للعراق ودعمها لإسرائيل وانحيازها ضد العرب والمسلمين وتهديدها لسوريا وإيران بأساليب متعددة وغيرها مما اثر بالسلب على مناخ الاستثمار .
  كما أشارت نسبة 70% من حالات الدراسة إلى أن من أهم أسباب انتشار البطالة هو أن منظمة التجارة العالمية وغيرها من مؤسسات يستخدمها النظام العالمي الجديد لاستعمار العالم باستغلاله بأساليب جديدة ( اللافتة تتغير والمضمون باق) مما يشكل عبئاً على الاقتصاديات الوطنية، كما أنه في ظل الخصخصة يتم تسريح عدد كبير من العمال واستبداله بالتكنولوجيا الحديثة، يؤكد ذلك نتائج بحث أشار إلى أن تطبيق التكنولوجيا عالية التقنية أصبحت تمثل 80% من اقتصاديات العالم المتقدم بينما 20% فقط هي نصيب رأس المال والعمالة والموارد الطبيعية (27) مما أثر على معدل التشغيل .
  وذهب 65% من أفراد العينة إلى قله فرص العمل المتاحة وأن البطالة أصبحت أمراً مألوفا وهى الحالة الطبيعية لذا يجب (والكلام على لسان حالات الدراسة) أن تسألنا كم واحد ممكن يلاقى شغل فعلى سبيل المثال دفعة كبيرة تفوق الأربعة آلاف طالب وطالبة (بكلية الآداب – جامعة المنصورة) ربما لا يحصل من هذا العدد الكبير على وظيفة إلا قلة تعد على أصابع اليد ولابد أن تتوفر لها شروط أخرى كالوساطة والوضع المالي للأسرة .. الخ .
  وها هي حالة منهم تشير بان لها أخوة وأخوات خريجي الجامعة منذ سنوات في تخصصات مختلفة من كليات ما يسمى بالقمة ولم يجدوا فرصة عمل وأنهم يعملون في أي مجال (بأجر يومي) أو أعمال مؤقتة وكلها أعمال عضلية .
  كما تشير حالة أخرى تقول بأن جلوس الواحد بدون عمل مع وجود حاجة مادية (فقر) بينتج عنه توتر وقلق لأي شاب مثلى لأنني عاوز آكل وأشرب ونفتح بيت ونعيش زي كل الناس وعدم تحقيق ذلك بيترتب عليه انتشار السرقات والزواج العرفي .. الخ وتشير الدراسات إلى أن المجتمعات العربية مثل شعوب العالم الثالث يعيش أغلبهم في حالة فقر ويسقط عدد كبير منهم في هوة الحرمان مع فشل خطط التنمية (28) .
  وتصرح حالة أخرى بقولها أنا عاوزة أتزوج وكل واحد يتقدم لخطبتى نسأله عندك شقة يقول ربنا يفرجها طيب بتشتغل فين آهوه يوم هنا شغلانه أو هناك مندوب مبيعات يعنى مفيش استقرار وده حال الشباب كله فطبعا بنرفض وفى نفس الوقت بدأ العمر يجرى ومش عارفه اعمل إيه !! ما هوه لو فيه شغل كانت إتحلت كل مشاكلى علشان كده الشباب بيعانى والأمل في الله سبحانه وتعالى .
  وتشير حالة أخرى إلى أن الطلاب أثناء أدائهم للامتحانات لا يريدون النجاح لأن الواحد طول ما هوه في الدراسة الأسرة بتوفر له كل متطلباته ولكن المشكلة شيفينها مع أخواتنا الكبار اللى أتخرجوا من الجامعة من معاناة في البحث عن فرصة عمل وكم التوبيخ من الأسرة لحثهم على البحث عن فرصة عمل بدون جدوى لذا يعيش الشباب حالة من التهميش والرفض للواقع . يؤكد ذلك نتائج الدراسات التي تشير إلى أنه في ظل تزايد البطالة وتفكك نظام العمل المستقر نتجت مجموعة كاملة من المشكلات الخاصة (بما فيها ظاهرة التهميش الإجتماعي والتهميش الذاتي، الرفض والعنف الخ (29) .
  كما تشير حالة أخرى إلى أن خالتها تعمل في وظيفة إدارية مرموقة بالجامعة وتسعى بإلحاح شديد وتطرق كل الأبواب كى تعين أبنتها في وظيفة (عاملة مؤقتة) بشهادة الابتدائية – رغم أن ابنتها حاصلة على الشهادة الجامعية – وهذه الحالة تظهر بوضوح مدى وحجم البطالة التي يعانى منها الشباب في المجتمع .
  وذهب 90% من حالات الدراسة الميدانية إلى أن الشباب يعانى من اضطراب وإحباط شديد سواء من ضعف الأمل في وجود فرصة للعمل أو الزواج وتكاليفه وما يترتب عليه من انتشار القيم السلبية والهابطة والانحرافات بأنواعها حتى وصلت لدرجة تخريب الذات . مما يفضى إلى التهميش والإحساس بالاغتراب وضعف الانتماء . وها هي حالة منهم تقول (بعد التخرج كنت فرحان إننى أنهيت دراستى بنجاح وفاكر العملية سهلة وأن الشباب لا يبذل الجهد الكافى للحصول على فرصة عمل ولكن : بعد أن سُدت جميع الأبواب في وجهى على مدار الثلاث سنوات الماضية فقدت الأمل وكل يوم بيفوت بيزيد إحباطى لدرجة أننى عاوز أفضل نايم في البيت مش عاوز النهار يطلع وها هي حالة أخرى تقول ( ما يحسش بالنار إلا اللى كبشها) لأن فاقد العمل فاقد لكل شىء فاقد لهويته وشخصيته ملىء باليأس والإحباط، يحس بالعجز - رغم ما بداخله من طاقة وقدره على العمل والإبداع – والظلم لذا فشباب وصل إلى هذا الحد من التهميش والاغتراب والإحباط يعد بمثابة قنبلة موقوتة يُتوقع منه أى شيء .
  يؤكد ذلك ما حدث في " المغرب " حيث قام مجموعة من الشباب بما يزيد على 300 شاب لا يجدون فرصة عمل باعتصامهم في مقر احد مراكز الحرف اليدوية لمدة كبيرة بلغت عدة أشهر في يوليو عام 1991م في مدينة سالة وسميت " بحركة سالة " وقامت الحكومة والقطاع الخاص بتوفير فرص عمل للبعض منهم (30) وكان من الممكن أن تتحول إلى ثورة لا يحمد عقباها نتيجة ما يعانونه من بطالة .
  وتذهب حالة أخرى إلى أن الشباب الذي يحتاج إلى المال تنازل عن بعض طموحاته في ظل ندرة فرص العمل وقبوله أعمال يدوية أو حرفية (رغم نظرة المجتمع الدونية للبعض منها ) أو قبول العمل في بعض المناطق السياحية والمطاعم، والجري وراء حلم السفر عبر قنوات ربما تكون وهمية أو بطرق غير شرعية وجميعها تخضع لقانون الصدفة وقد تكلفه أحياناً حياته لا قدر الله . أو تهبط عليه ثروة (من سيربح المليون..) . أما إذا كان الشباب ينتمي إلى أسرة غنية فتفتح له مشروع غير منتج كوفي شوب، نادي كمبيوتر .. ومن لم يجد هذا ولا ذاك فهو يكون عرضة لتيارات مختلفة أو يقبل على الإدمان أو السرقة أو العنف إلى غير ذلك .
  يؤكد ذلك نتائج دراسة ميدانية أشارات إلى أن معظم أعمال العنف ترتكب من أفراد لا يجدون فرصة عمل مناسبة وجاءت في المرتبة الأولى بنسبة 73.8% وهذا يدعم انتشار الممارسات الغير سوية في المجتمع نتيجة قله فرص التشغيل (31) .
  ونكتفي بعرض ما جاء على لسان هذه الحالة التي أشارت إلى أن هناك أفكار خطيرة يتناقلها الشباب – وهى في تزايد – وتتمثل في الزواج من أجنبيات للحصول على الجنسية وحلم السفر .. الخ بل يذهب الشباب خصيصاُ للعمل في شرم الشيخ كي يتزوج من أجنبيه . مما يشكل خطراً على الانتماء الوطني وتهديد لكيان المجتمع وهدر لطاقاته الشبابية . يدعم ذلك نتائج بحث أجراه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، إذ ذهب إلى أن اخطر المشكلات التي تترتب على بطالة الشباب ما يتولد عنها من مشاكل تمس الجوانب السياسية والأمنية في المجتمع (32) .
  وفى ظل هذه السلبيات أشارت حالات الدراسة إلى أن الحل بسيط ويكمن في التخطيط الجيد المستمر والمتكامل والاستثمارات الوطنية في مشروعات منتجة والعمل من أجل المصلحة العام وكل ذلك يتحقق من خلال الاعتماد على الذات وتحسين التعليم وتطوير القوانين والمشاركة المجتمعية لكل شرائح المجتمع في ظل تعاون عربي مشترك .
  كل ما سبق يؤكد أن العمل هو نقطة الانطلاق الأساسية لمواجهة الحياة العامة كفرد مستقل ومسئول، ويأتي تناولنا لقضية البطالة وتداعياتها كواقع يعيشه ويتعايش معه الشباب ويؤثر عليه سلبياً (بتدمير للذات – هدر للطاقات – الاغتراب – ضعف الانتماء – التهميش – الجريمة بأنواعها – العنف – إنهيار القيم ... ) ؛ فالعمل يعد المرحلة الأساسية بعد التعليم من اجل بناء مستقبله وإشباع حاجاته الأساسية وتحقيق حلمه في الزواج وتكوين أسرة وتحمل مسئولياته .
  وعلى هذا الأساس فمدى رضائه أو إحباطه، نجاحه أو فشله في تحصيل فرصة عمل يحدد موقعه / موقفه، على آفاق المستقبل . بل ويحدد أيضا النقطة التي يقع فيها مجتمعه على متصل التقدم والتأخر .
خاتمة :
  تعد البطالة من أكثر المشكلات التي استحوذت على اهتمام الباحثين العرب، ولا يرجع ذلك فقط إلى تزايد أعداد العاطلين بالدول العربية خاصة فيما بين الخريجين من الجامعات والمدارس العليا، بل أيضا لأن البطالة تعد انعكاسا لقضايا أخطر بكثير لم تحل حتى الآن، ولازالت تلقى بتداعياتها على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية . مثل قضية نوعية التعليم، وقضية الزيادة السكانية بمعدلات أعلى كثيراً من مثيلاتها بالدول الأخرى، حيث يبلغ معدل نمو السكان 3% سنوياً بالدول العربية، حتى وصل حجم سكان الوطن العربي إلى حوالي 266 مليون نسمة سنة 2000م، وهى زيادة ضخمة تستدعى بذل جهوداً مضنية لاستيعاب وتدريب وتقديم الخدمات لهذا التكدس البشرى الضخم بما يتماشى مع التطورات العالمية من خلال خطط وخدمات التعليم والصحة والاتصالات .
  ومن الصعب القول بأن أي دولة عربية تمتلك إستراتيجية ومنهاجاً واضحاً للتوظيف ينطوي على سياسات تشغيل متكاملة تتضمن برامج لحماية المعرضون للبطالة، وبرامج لتطوير فرص العمل والعمالة والإنتاجية بالسوق . ذلك أن سياسات التوظيف الفعالة والمتكاملة ينبغي أن تتضمن :
أولاً : إجراءات علاجية لمشكلة البطالة مثل : الإعانات الاجتماعية والتأمين الصحي وتوفير فرص عمل مؤقتة، وغيرها من الإجراءات السريعة لمواجهة الأزمة، والمساعدة على تحمل تكاليف الاقتصاد الرأسمالي، من خلال برامج لزيادة الدخل ودعم الأنشطة الإنتاجية .
ثانياً:      إجراءات تعتمد على المبادرة والعمل الايجابي بهدف محاصرة مشكلة نقص التوظيف منذ البداية، وعدم الانتظار حتى تتفاقم وتظهر بشكل حاد، يصعب على الإجراءات العلاجية مواجهته . ومثل هذه تستهدف إعادة تدريب العمالة بغرض إعادة توظيفها، وتطوير مهارات جديدة، بما يؤدى لزيادة الاستثمار البشرى الذي يعد أفضل أنواع الاستثمارات. أي أنها إجراءات تتخذ من خلال الجهود التنموية في إطار خطة الدولة، وعادة ما تشمل عدة عناصر :
1  -    محاولات التوفيق بين جانبي العرض والطلب على العمالة بالأسواق، بحيث ألا يعمل النظام التعليمي على تفريخ أعداد من الخريجين لا يجدون فرصاً حقيقية للاستفادة بمؤهلاتهم، بما يتيح للدولة إكتساب المردود الحقيقي للاستثمارات التي أنفقتها على التعليم والتربية . وبحيث تتجه خطط وبرامج الاستثمار بشكل عام لاستخدام تكنولوجيا أكثر كثافة في العمالة، وتتطلب مهارات متوافرة محلياً .
2  -    توظيف الأفراد الذين يعانون من البطالة الاحتكاكية Frictional، وتوفير السبل الملائمة لتسهيل حركة تنقلات العمالة بين الوظائف المختلفة .
3  -    التعامل الإيجابي مع البطالة الهيكلية ونقص الطلب على العمل، عن طريق رفع قدرات وكفاءات الأفراد الإنتاجية، وتحسين درجة الموائمة بين العامل والوظيفة .
4  -    توفير قاعدة بيانات عن أسواق العمل، ووضع البرامج اللازمة لعلاج القصور في الأسواق
5  -    برامج التدريب والتأهيل الهادفة لزيادة إنتاجية الفرد، وبالتالي زيادة دخله، وزيادة معدلات التراكم الرأسمالي، مما يوفر المناخ لإقامة وحدات إنتاجية واستثمارات جديدة يمكنها خلق فرص العمل للقادمين الجدد إلى أسواق العمالة .
أهم التوصيات :
  مما سبق يؤكد أنه بتوفير فرص عمل للشباب نقضى على معظم إن لم يكن كل المصاحبات الاجتماعية السلبية وذلك من خلال :
- الاهتمام بجودة التعليم وربطه بسوق العمل واكتساب المهارات الجديدة .
- زيادة الاستثمارات .
- الاهتمام بالزراعة وزيادة رقعة الأرض الزراعية .
- تشجيع المشروعات الصغيرة .
- تفعيل التعاون العربي .


المراجع:
1  -     United Nation Globlaization And Labour. Markets in the Escwa Region, new York, 2001, p. 16.
2  -       محمود عبد الفضيل، مصر والعالم على أعتاب ألفية جديدة، مكتبة الأسرة، 2001 ص ص 10 – 12 .
3  -    Assaad, Regui, the Effect of  Child Work On School Enroiiment In Egypt the Workshop is Organized by the Economic Research Fortum for the Arab Countries, Iran, Turkey and World bank, July, 2001, pp. 4 – 5 .
4  -    أسامة ماهر حسين، دراسة نقدية لمشروع مبارك / كول في مجال التعليم الفنى في مصر، مجلة مستقبل التربية العربية، المجلد الثامن ن العدد 26 يوليو 2002، ص ص 187 – 188 .
5  -    سيد محمد عبد المقصود، قضية قصور التشغيل " البطالة وعلاقاتها بجودة التعليم، سلسلة قضايا التخطيط والتنمية، رقم 174، معهد التخطيط القومى، يوليو 2003، ص ص 47 – 48.
6  -    محمود عبد الفضيل، مرجع سابق، ص ص 13 – 15 .
7  -    عبد الباسط عبد المعطى، البحث الإجتماعي، محاولة نحو رؤية نقدية لمنهجه وأبعاده، دار المعرفة الجامعية، 1987، ص 362 .
8 -     United Nations, Responding to Globa Lization: Skil formation and Unempbyment Policies, New York.
9 -     Bloom, David E., Mastering Globalization: From Ideals to Action on Higher Education Reform Harrard University, 19 September, 2002, pp. 2 – 3 .
10 -   خالد الزواوى، البطالة في الوطن العربي : المشكلة والحل، مجموعة النيل العـربية، 2002، ص 19 .
11 -   United Nations, responding to Globalization, Op. Cit., p. 37.
12 -   تقرير التنمية البشرية، معهد التخطيط القومى، 2003، ص 2 .
13 -   جامعة الدول العربية، التقرير الاقتصادى العربي الموحد، 2002، ص 24 .
14 -   UNCTAD, "Mobilization of Domestic Resources for Poverty Alleviation" Geneva 24, Jan, 1994, pA/3022 .
15 -   رمزى زكى، الاقتصاد السياسى للبطالة : تحليل لأخطر مشكلات الرأسمالية المعاصرة، سلسة عالم المعرفة، عدد 226، الكويت، أكتوبر 1997ن ص 501 – 507 .
16 -   يوسف إبراهيم، اتجاهات سوق العمل في الاقتصاد الكويتى، مجلة العلوم الاجتماعية، مجلد 24، عدد 4، الكويت، شتاء 1996، ص 31 .
17 -   تقرير التنمية الإنسانية العربية، نحو إقامة مجتمع المعرفة، 2003، ص ص 155 – 156
18 -   المرجع السابق، ص 138 .
19 -   التقرير العربي الموحد، مرجع سابق، ص ص 24 – 25 .
20 -   معهد التخطيط القومى، تقرير التنمية البشرية، مرجع سابق، 2003، ص 87 .
21 -   أسماء اللحام، " أوضاع القوى العاملة والتشغيل في القطر العربي السورى " ندوة سياسات التشغيل في البلدان العربية، القاهرة، 10 – 12مايو 1992، ص ص 2 – 10 .
22 -   أحمد الأشقر، " العمالة السورية في دول الخليج، الهجرة والاستخدام والبطالة في ظل الإصلاح الاقتصادى والمتغيرات الإقليمية في ج.م.ع.، الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مع منظمة العمل الدولية، القاهرة، 1991 .
23 -   عبد الله غلوم، التركيبة السكانية وأزمة توظيف العمالة في الكويت "، مجلة الكويت الاقتصادية، العدد الأول، السنة الأولى، ص 46 .
24 -   المؤسسة العربية للتشغيل، "الوضع الحالى للقوى العاملة والتشغيل في البلاد العربية "، ندوة سياسات التشغيل في الأقطار العربية، منظمة العمل العربية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية، القاهرة من 29 – 31/3/1993، ص ص 74 – 163 .
25 -   الإسكوا " الأثر الاجتماعي لإعادة الهيكلة مع تركيز خاص على البطالة " الأمم المتحدة، نيويورك 2000، ELESCWA/SD/9914
26 -   W.B. "Republic of Tunisia, the Social, Protection system" April, 1993.
27 -   نجاح عبد العليم، الخيار التكنولوجي وحل مشكلة البطالة في مصر، ندوة " مشكلة البطالة في جمهورية مصر العربية، جامعة الأزهر، القاهرة، 14 – 16 يوليو، 2001 .
28 -   إسماعيل صبري عبد الله، العرب والعولمة : العولمة والاقتصاد والتنمية العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، ندوة : العرب والعولمة، تحرير : أسامة أمين الخولي، ط2، بيروت، ديسمبر، 1998، ص 368 .
29 -   أديب نعمه، إشكاليات البحث في مجال الشباب ومقترحات مستقبلية، اجتماع الجزاء الإقليمي حول الحالة المعرفية لمسرح وبحوث الشباب في الإقليم العربي، شرم الشيخ، القاهرة، 19 – 21 نوفمبر، 2005 .
30 -   إيمان فرج، الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشباب والمراهقة، المنتدى العربي للسكان، بيروت، 19 نوفمبر، 2004، ص 28 .
31 -   مهدي محمد القصاص، عنف الشباب : محاولة في التفسير، مجله كلية الآداب، جامعه المنصورة، يناير، 2005، ص 49 .
للمزيد راجع أيضا : سميحة نصر، العنف بين طلاب المدارس : التقرير الاجتماعي، إشراف : احمد زايد، المجلد الأول، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 2004 .
32 -   سلوى العامري، أجيال مستقبل مصر : أوضاعهم المتغيرة وتصوراتهم المستقبلية، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 2002، ص 211 . راجع أيضا : مجلة الديمقراطية، الأجيال والسياسة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، العدد السادس، القاهرة، ربيع 2002، ص ص 65 – 140


Tidak ada komentar:

Posting Komentar