Kamis, 30 Mei 2013

Adakah dalam Islam itu ada pertentangan Politik ?



         هل في الاسلام معارضة سياسية

                                      (1 )

وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً على المنبر فقال للناس :
لاتزيدوا مهور النساء على أربعين أوقيةّ – أي من الفضة –وإن كانت
 بنتَ ذي العَصَّة – يعني يزيد بن الحصين الحارثي -؛ فمن زاد ألقيتُ
 الزيادة في بيت المال .
فقالت إمرأةٌ من العرب : ماذاك لك ياعمر .
قال: ولِمَ ؟
قالت لأن الله عز وجل يقول : { وَءَاتَيتُم إِحدَاهُنَّ قِنطَاراُ فَلاَ تَأخُذُواْ
مِنهُ شَيئًا } أفيعطينا الله وتحرمنا أنت ؟
فقال عمر رضي الله عنه : أصابت امرأة وأخطأ عمر .
رَويتُ هذه القصة بشكل مختصر جداً ، ومَن أراد التوسُّعَ فلْيرجع إلى
مَظَانها ، والشاهد فيها هو قضية اعتراض امرأةٍ عربية من صف
النساء على أمير المؤمنين وهو على المنبر يأمر وينهي بمقتضى أنه
وليُّ الأمر وخليفة المسلمين ورئيس الدولة ، ثم لم يجرؤ أحد أن يُسَفِّه
رأيَها ، ويدافع عن عمر ولو تَمَلُّقاً ، ولم يَحتجْ عمر إلى ذلك ، بل أقر
بالحق واعترف به بل ورجع إليه ويُروى أنه نزل من المنبر باكياً يأخذ
بلحيته وهو يقول لنفسه : (كل الناس أفقه منك ياعمر حتى العجائز !)

تُرى في أيِّ دولة من دول العالم المتمدِّن اليوم تقع مثل هذه الواقعة ؟
وتقف امرأة عجوز من الواطنات في مجمع عام كالمسجد الجامع
لتَرُدَّ على رئيس الدولة ؟ وأيِّ دولة هذه ؟! إنها من الدول العظمى
آنذاك ، وعلى مَن ؟ على عمر بن الخطاب الفاروق .

إنَّ الإسلام الحضاري كما أنزل الله على نبيه محمد صلوات الله عليه ،
وكما فهمه صفوة البشر من الصحابة وآل البيت الكرام الذين قال الله
فيهم : { كُنتُم خَيرَ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاس } ماكان ليضيقَ صدره بأي نقد
هادف بَنَّاءٍ وما كان لِيصادرَ أيِّ معارضة سياسية أبداً مابقيتْ حِواراً
ومناظرةً . ولم تتَعدَّ ذلك إلى الخصام والمعاجَرة .
لقد قال مالك رضي الله عنه إمام دار الهجرة قولَته المشهورة :
(ما من أحد إلا قد رَدَّ ورُدَّ عليه ، يُؤخذ من كلامه ويُترك إلا صاحبَ
هذا القبر ) واشار إلى القبر النبوي الشريف .
وهَبِ المتكلم سلطاناً أو حاكماً والنسيان حاشَ الأنبياء والرسل الكرام ؛
فهم يَسْهُون ويَنْسَون فيما عدا التبليغ ولكن لا يخطؤون ، وكل من عداهم
يخطئ ويصيب ... فلماذا نفترض العصمة في بشرٍ من البشر لم يدَّعوا هم
أنفسهم العصمة ولا ادَّعاها لهم أحد ؟!
ولذلك فإن الوضع الصحيح للجماعة البشرية أن يكون هنالك حُكْم ، وأن
هنالك معارضة ، ولكنها معارضة تَبني ولا تهدم ، تجمع ولا تفرِق ،
تُنَقِّح وتُحَكِّك ولا تمزق ، كل ذلك بأدب جَمٍّ واحترام للرأي ، واعترافٍ
بالغير ، وإنصاف للمُخالِف ، واتِّباعٍ للحق ، فإذا وَجد غير هذا فليس ذلك
بالوضع الصحيح ولا بالسليم ، بل هو ظاهرة مَرَضية ؛ أن يتكلم شخص
من الناس فيُسَبِّحَ الناس بحمده ، ويجعلوا خطأه صواباً وصواب غير خطأً
وإنها والله حينئذٍ لَقَاصمةُ الظَّهر .



(2)

إننا اليوم نحن العرب المسلمين على مُفْتَرَق طُرُق ،  وقد سبقتْنا أمم
وشعوب كثيرة على ظهر هذا الكوكب إلى هذا المعنى الرفيع من وجود
حكم تَدْعَمُه معارضةٌ شريفةٌ ، وسَمَّوْا ذلك في اصطلاحهم ديمقراطية
أي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ، ولا مُشاحَّةَ لدنيا في الاصطلاح فلكل
أن يصطلح ، لكن الأمر الذي ينبغي علينا أن نؤكد عليه هو أننا سبقْنا
كل هذه الأمم والشعوب إلى جوهر هذه القضية (الديمقراطية ) بما ذكرتُه
في طالعة هذه المقولة ، وبما روته لنا كتب التراجم من وجود معارضة
سياسية علنية ذات طابع خُلُقي وأدبي رفيع لاوجود للنوايا السيئة والأفكار
المُضِرَّةِ فيه ، بل هذه المعارضة الشريفة الكريمة هي ذاتُها منطلق الحكم
نحو السَّداد والرشاد ، فأي حكم من غير معارضة سياسية محكوم عليه
بالفشل ؛ لأن الإنسان لايستطيع أن يرى عيوب نفسه إلا بالمرآة والمؤمن
مرآة أخيه ، ومَثَلُ المؤمنين في تعاونهما كمثل اليدين تَغْسِلُ إحداهما
الأخرى ، وهذا ماحرصتْ عليه شعوب الغرب ، وإن مايجري اليوم في
كثيرٍ من بلادهم من النقد الذاتي عن طرق المعارضة لأكبر برهان على
ذلك .
بل إن الحكماء من العرب أبعدوا النُّجْعَةَ فقالوا غيرَ مانقول ؛ قالوا
إن العدوَّ ذاته بنقده اللاذع الذي يبدو لك شراً مستطيراً هو عين الخير
لك لن يريك عيوبك فتتجنبها ، وإن كنا لا نتمنى ولا نشتهي كلام
الأعداء لأنه قاسٍ مؤْلمٌ ، بل لانؤيد هذا الذي يقول .

وفي ذلك يقول الشاعر العربي

عِدَاتي لهم فضل عليَّ ومِنَّةٌ          فلا أذهب الرحمنُ عني الأعاديا
هُمو ذكَّروني زَلَّتي فاجتنبتُها         وهمْ حَسَدُوني فارتقيتُ المعاليا


******

(3)

أما بعد :

فإنَّ وليَّ الأمر في فقهنا الحضاري الباذخ كان له بطانةٌ  تعينه على أمر
دينه ودنياه وآخرته ، وكان يحرص أن تكون بطانةً صالحة إن نسي
ذكَّرتْه ، وإن ذكر أعانتْه ، وكان له شورى عامة وشورى خاصة وهي
مجالس استشارية تشبه في عصرنا المجلس النيابي ومجلس الأعيان أو
الشيوخ ، وكان له كذلك – وهذا أكثر الأمور أهمية – معارضة سياسيةٌ
شريفةٌ تعمل للبناء لا للهدم تقوم بلسانها ما اعوجَّ من أمر البلاد ، حتى
إذا جَدَّ الجدُّ ، وخيف على وَحْدَةِ الأمة ؛ قفزت هذه المعارضة الشريفة
الكريمة لتُدافع عن الدولة وعن ولي الأمر الذي كان لها مُوقراً طوالَ
أمره ، فكانت له خير مُعينٍ ومُدافع ونَصير ، فكانت عليه في الرخاء
وله في الشدة ، فكان يعترف بفضلها . وهكذا كان يقول سيدنا عمر بن
الخطاب لسيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنهما
(لا كنتُ في بلد لم تكن بها يا أبا الحَسن ) ، وسمعه الصحابة الكرام
يثنى على سيدنا علي رضي الله عنه فيقول في قضية من المعضلات :
( قضيةٌ ولا أبا حَسَنٍ لها ) .

فهل يَفهم العرب المسلمون من حكامنا وولاة أمورنا أن دولهم
وبلادهم وحكمهم يحتاج إلى تلك المعارضة السياسية الإيجابية الموالية
باطناً المعترضة ظاهراً ؛ لا اعتراض تشهير بل اعتراض تكميل وتتميم
وتذييل ، وإنهم لبحاجة إلى هذا أكثر من حاجتهم إلى الوزراء والأعوان .
أقول : وإذا كان الأمر كذلك وجب على أهل الحَل والعَقْد في الأمة
أن ينقسموا إلى قسمين ظاهراً : قسمٍ يصوب رأي ولي الأمر ، وقسم
يخطئه ؛ كل لك بدليله ، والجميع في ولائهم الوطني معه وله ،ط
يدافعون عنه كما يدافعون عن أنفسهم وأهليهم ، وأولادهم ، ولكنهم
لعظيم محبتهم إياه لايدعونه يغوص في الأخطاء وهم يزينوها له
فيجعلونها صواباً فيضلَّ الطريق ، ولكنهم يدلونه على الخطأ وموضعه
ويستدلون عليه بدليله ، ويستمعون له إن دافع هو عن رأيه ...
ويعرضون كلامه على المَحَك ، ولا يجاملونه في شيء من الرأي ، فهذا
أصلح له ولهم وللأمة .


***


(4)
هذا وأختم مقولتي هذه بوصية أوصي بها الإمام ابو حنيفة النعمان
تلميذه الإمام أبا يوسف القاضي قبيل وفاته فقال :
[ يا يعقوب ؛ إنك ستصير قاضياً ، فادخل على السلطان ولا تَضِنَّ
عليه بالنصيحة ، ولكن عليك بثلاثة أمور :

1-انصح له سراً ، ولا تنصح له أمام الناس ؛ فالنصيحة أمام الناس فضيحة

2-ثم أعطه حقَّه فقل له : يا أمير المؤمنين وفقك الله ورعاك وسدَّد خُطاك .

3-وانصح له برفق ورحمة وشفقة ؛ لعل الله ينفعه بكلامك ونصحك ]

قال الإمام أبو يوسف : فوالله لقد كانت هذه الوصايا الثلاث أعظم
لديَّ فائدةً من العلم الذي أخذته عن أبي حنيفة رحمه الله ورضي عنه .

***





Tidak ada komentar:

Posting Komentar